الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص209
قال الشافعي رحمه الله : ‘ أخبرنا مالك بن أنس عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) قال ‘ ليس فيما دون خمسة أوسقٍ من التمر صدقةٌ ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال :
الأصل في وجوب الزكاة في الثمار الكتاب والسنة والإجماع ، فأما الكتاب فقوله تعالى : ( يا أيُّهَا الَّذِينَ آمُنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ ) ( البقرة : 267 ) فأوجب بأمره الإنفاق مما أخرج من الأرض ، والثمار خارجة منها ، ثم قال : ( وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) ( البقرة : 267 ) فدل على أن المراد بالنفقة الصدقة التي يحرم إخراج الخبيث فيها ، ولو لم يرد الصدقة لجاز إخراج خبيثها وطيبها وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) ( الأنعام : 141 ) .
وأما السنة .
فرواية جابر وابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ ما سقت السماء ففيه العشر وما سقي بنضحٍ أو غربٍ فنصف العشر ‘ .
والثمار داخلة في عموم السقي ، فاقتضى أن تكون داخلة في عموم الوجوب ، وأجمع المسلمون على وجوبها ، وإن اختلفوا في قدر ما يجب فيه .