الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص207
والقسم الثالث : أن يكون حلول الدين وحلول الزكاة معاً لا يسبق أحدهما الآخر ، فالزكاة واجبة ، فإن كان الراهن موسراً بها قادراً على دفعها من غير الرهن أخذت من ماله وكان الرهن معروفاً في دينه ، وإن كان الراهن معسراً لا يجد غير الرهن ولا يملك سواه فهل يبدأ بإخراج الزكاة أو بدين المرتهن ؟ على قولين مبنيين على اختلاف قوله في وجوب الزكاة في الذمة أو في العين ، فإذا قيل بوجوب الزكاة في العين وجب تقديم الزكاة ، وإذا قيل بوجوبها في الذمة وجب تقديم المرتهن ، وقد خرج قول ثالث أنهما سواء ويقسط ذلك بينهما .
قال الماوردي : وهاتان المسألتان من غير الزكاة وإنما ذكرهما في غير الموضع لتعلقهما بما قبلهما ، فإذا رهن جارية فولدت أو ماشية فنتجت فالولد والنتاج خارج من الرهن ، وقال أبو حنيفة يكون ذلك رهناً تبعاً لأصله وسنذكر الحجاج عليه في كتاب الرهن إن شاء الله .
فإن قيل فإذا كان النتاج تابعاً للأمهات في الزكاة فهلا كان تابعاً لها في الرهن ؟ قيل : لأن الرهن عقد والنتاج لم يدخل في العقد ، والزكاة لأجل الملك والنتاج داخل في الملك ، فإذا ثبت أن النتاج لا يدخل في الرهن انتقل الكلام إلى المسألة الثانية وهو قوله ولا تباع ماخض حتى تضع ولها مقدمة ، وهي اختلاف قول الشافعي في الحمل هل يكون تبعاً أو يأخذ قسطاً من الثمن ؟ فأحد القولين أنه يكون تبعاً لا حكم له بنفسه كسائر الأعضاء ؛ لأن عتق الأم يسري إليه كما يسري إلى جميع الأعضاء ولا يسري إليه إذا كان منفصلاً فعلم أنه قبل الانفصال يكون تبعاً .
والقول الثاني : أنه يأخذ قسطاً من الثمن ويفرد حكمه بنفسه ، لأن عتق الحمل لا يسري إلى عتق أمه ، ولو كان كسائر أعضائها لسرى عتقه إلى عنقها .
فإذا تقرر هذان القولان فصورة المسألة : أن تكون الماشية المرهونة حوامل ويأبى الراهن البيع حتى تضع ، ثم يبيعها حوامل ، فلا يخلو حالها عند عقد الرهن وحلول الحق من أربعة أقسام إما أن تكون حوامل في الحالين ، أو حوامل في الحالين ، حوايل في الوسط أو حوامل عند عقد الرهن ، حوايل عند حلول الحق ، أو حوايل عند عقد الرهن حوامل عند حلول الحق .