الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص206
أحدهما : باطل كبطلان الرهن ، لأن الرهن ملحق بالبيع كالأجل ، وفساد الأجل مبطل للبيع كذلك الرهن .
والقول الثاني : أن البيع لا يبطل ، لأنهما عقدان من حيث أنه يجوز إفراد كل واحد منهما ، وبطلان أحد العقدين لا يقتضي بطلان الآخر ، فعلى هذا يكون البائع بالخيار بين أن يقيم على البيع بلا رهن ، وبين أن يفسخ لفوات الرهن .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا رهن ماشية قبل حولها فرهنها صحيح ، وتجري في الحول ، فإذا حال حولها وجبت فيها الزكاة ، لأن ملك الراهن عليها تام ، وإنما هو ناقص التصرف ، ونقصان التصرف لا يمنع وجوب الزكاة ، كالصبي والمجنون ، فإذا ثبت أن الزكاة فيها واجبة لم يخل حال الدين المرهون به من أحد أمرين إما أن يكون حالاً ، أو مؤجلاً ، فإن كان حالاً وجبت الزكاة ، فدفعها الراهن من ماله ، كان الرهن بحاله وإن أبى الراهن أن يخرجها من ماله ، وامتنع المرتهن أن يخرجها من رهنه ، فإن كان الراهن موسراً بها أجبر على دفعها من ماله ، لأنها من مؤنة الرهن ، وإن كان معسراً بها فعلى قولين : إن قيل الزكاة في العين بدئ بإخراج الزكاة وقدمت على حق المرتهن ، وإن قيل إنها في الذمة بدأ بحق المرتهن وكانت الزكاة ديناً في ذمته ، وإن كان الدين مؤجلاً لم يخل حال الزكاة والدين من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون حول الزكاة أسبق من حول الدين ، فيبدأ بإخراج الزكاة منها قبل الدين ، إلا أن يتطوع الراهن بدفع الزكاة من غيرها ، فيكون الرهن على جملته ، وإن أبى الراهن أخذت الزكاة من الرهن ، لأن وجوبها أسبق من وجوب الدين ، فكانت أحق بالتقدمة ، وإذا أخذت الزكاة بطل الرهن فيها ، وكان الرهن ثابتاً في الباقي ، ولا خيار للمرتهن في فسخ البيع لنقصان الرهن ، لأن هذا النقصان بسبب حادث في يده ، كما لو ارتهن عبداً فقتل في يده بردة ، أو قطع بسرقة .
والقسم الثاني : أن يكون حلول الدين أسبق من حلول الزكاة ، فيقدم الدين لتقدم استحقاقه ، فإن بيع الرهن قبل الحول فلا زكاة ، وإن بقي على حاله حتى حال الحول ففيه الزكاة ، ويطالب بها الراهن لأنها من مؤنة الرهن كالسقي ، والعلوفة ، وأجرة الرعاة ، والحفظة .