پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص204

والوجه الثاني : أن القسمة جائزة إذا قيل بوجوب الزكاة في الذمة وارتهان العين بها ؛ لأن الرهن لا يمنع من القسمة إذا لم يكن فيها ضرر بالمرتهن ، فعلى هذا لا تخلو حالها عند مطالبة الوالي بالزكاة من أربعة أحوال .

إما أن يكون ذلك باقياً في أيديهما جميعاً ، أو تالفاً منهما جميعاً ، أو يكون ما في يد الزوجة باقياً ، وما في يد الزوج تالفاً ، أو ما في يد الزوجة تالفاً وما في يد الزوج باقياً .

فالحالة الأولى : أن يكون باقياً في أيديهما جميعاً ، فيأخذ الوالي الزكاة مما في يد الزوجة دون الزوج ، لأن الزكاة عليها وجبت ، فإذا أخذ الزكاة منها استقر ملك الزوج على ما حصل له بالقسمة .

والحالة الثانية : أن يكون ذلك تالفاً منهما جميعاً ، فأيهما يطالب بالزكاة على وجهين :

أحدهما : أن الوالي يطالب الزوجة بها دون الزوج ، لأن الوجوب عليها استقر .

والثاني : أن للوالي مطالبة كل واحد منهما ، لأن الزكاة وجبت فيما كان بأيديهما ، فإن طالب الزوجة لم يرجع بها إلى الزوج ، وإن طالب الزوج وأغرمه رجع بها على الزوجة .

والحالة الثالثة : أن يكون ما في يد الزوجة باقياً وما في يد الزوج تالفاً فيأخذ الوالي الزكاة مما في يد الزوجة ، ولا مطالبة له على الزوج .

والحالة الرابعة : أن يكون ما في يد الزوجة تالفاً ، وما في الزوج باقياً ، فيأخذ الوالي الزكاة مما في يد الزوج ، لأنه إذا تعذر أخذ الزكاة ممن وجبت عليه وجب أخذها من المال الذي وجبت فيه ، فإذا أخذ الزكاة مما بيده فهل تبطل القسمة بذلك أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : أن القسمة تبطل بذلك ، لأن الوالي إنما أخذ ذلك بسبب متقدم فصار قدر الزكاة كالمستحق منها وقت القسمة ، فعلى هذا إذا بطلت القسمة فهو بمثابة وجود الزوج بعض الصداق وعدم بعضه فيكون على الأقاويل الثلاثة .

والوجه الثاني : أن القسمة لا تبطل ، لأن الوجوب كان في ذمة الزوجة ، وأخذ الوالي كان بعد صحة القسمة فلم يكن الأخذ الحادث مبطلاً للقسمة المتقدمة ، كما لو أتلفت الزوجة شاة فما حصل في يد الزوج بالقسمة ، فعلى هذا للزوج أن يرجع على الزوجة بقيمة الشاة المأخوذة إن كانت مثل ما وجب عليها ، فإن كان الوالي قد أخذ منه أفضل من الواجب لم يرجع عليها بالفضل الذي ظلمه الوالي به .