الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص202
والثاني : أن تكون عيناً حاضرة فإن كانت موصوفة بالذمة ، فلا زكاة على الزوجة ، وإن ملكت جميع الصداق بالعقد ، ولو أصدقها مائتي درهم وكان الزوج ملياً بها لزمها الزكاة .
والفرق بينهما : أن السوم شرط في زكاة الغنم لا يصح وجوده في الذمة ، فلم تجب فيها الزكاة ، وليس السوم شرطاً في الدراهم فوجبت فيها الزكاة ، وإن كان الصداق عيناً حاضراً كأنه أصدقها أربعين بأعيانها فقد ملكتها الزوجة بالعقد ملكاً تاماً ، لأن الزوج قد ملك عليها ما في مقابلته وهو البضع ، فاقتضى أن تملك عوضه ، وإن ملكت جميع الصداق بالعقد ، جرى عليه حكم الزكاة ، واستؤنف له الحول من يوم العقد ، سواء كان في قبض الزوجة أو في يد الزوج .
وقال أبو حنيفة : لا يلزمها زكاته ما لم تقبضه ، فإذا قبضته استأنفت حوله ، وهذا غلط ، لأن يد الزوج على الصداق لا يمنع من تصرفها فيه ببيع أو هبة أو غيره كالمقبوض ، فوجب أن لا يمنع وجوب الزكاة كالمقبوض ، فإذا ثبت أن حكم الحول جار على صداقها سواء كان في يد الزوج أو في يدها فما لم يطلقها الزوج فلا مسألة ، وإن طلقها الزوج لم يخل حال طلاقه من أحد أمرين : إما أن يكون قبل الدخول أو بعده ، فإن كان بعد الدخول فلا رجوع له بشيء من الصداق والغنم التي أصدق على ملكها ، وإن طلقها قبل الدخول فله الرجوع بنصف ما أصدق لقوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفً مَا فَرضْتُمْ ) ( البقرة : 237 ) فإذا وجب له الرجوع بنصف الصداق لم يخل حال طلاقه من أحد أمرين : إما أن يكون قبل حلول الحول أو بعده ، فإذا كان قبل الحلول فقد ملك الزوج نصف الصداق وبقي لها نصفه ، وبطل حكم ما مضى من الحول إن اقتسما ، ولا زكاة على واحد منهما فيما حصل له من نصف الصداق ، لأنه أقل من نصاب ، إلا أن يكون مالكاً لهما من النصاب ، وإن لم يقتسمها كانا خليطين في نصاب يزكيانه بالخلطة ، إلا أن حول الزوجة أسبق من حوله فتكون كمن له أربعون شاة أقامت بيده لستة أشهر ثم باع نصفها وقد ذكرناه ، فهذا إن كان طلاق الزوج قبل الحول ، وإن كان طلاقه بعد الحول فقد وجبت زكاة الغنم على الزوجة لحلول الحول ، ولا يخلو حالها من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تخرج الزكاة من مالها .
والثاني : أن تخرج الزكاة منها .
والثالث : أن لا تخرج عنها . فالقسم الأول أن تخرج الزكاة من مالها ، والثاني أن تخرج الزكاة منها ، والثالث أن لا تخرج الزكاة من مالها . فللزوج أن يرجع بنصف الأربعين التي أصدق لوجود الصداق بكماله واستحقاقه نصفه بطلاقه ، فإن قيل فقد استحق المساكين