پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص196

أحدهما : أن زكاة مال التجارة في قيمته لا في عينه ، والقيمة موجودة في الحالين لم تنقطع بالمبادلة ، وزكاة هذا المال في عينه ، والعين قد زالت بالمبادلة .

والثاني : أن نماء التجارة لا يحصل إلا بالبيع والتصرف ، فإذا بادل لوفور النماء ، ونماء المواشي يفوت بالبيع وإنما يحصل بالحول ، فإذا بادل استأنف لفقد النماء والله أعلم .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وأكره الفرار من الصدقة ، وإنما تجب الصدقة بالملك والحول لا بالفرار ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال :

إذا ملك الرجل نصاباً في الحول ، ثم أخرج بعض النصاب عن ملكه قبل حلول الحول ، لم يخل حاله من أحد أمرين .

إما أن يفعل ذلك فرارا من الزكاة ، أو غير فرار ، فإن لم يفعل ذلك فراراً وإنما فعله معذوراً ، كمن معه مائتا درهم وعليه دين درهم قضاه قبل الحول ، أو معه أربعون شاة أكثر الحول وعليه شاة من سلم حلت قبل الحول ، قضاها من الأربعين في زكاة عليه لنقصان النصاب ، ولا يكره عليه لوجوب ما فعله ، وإن فعل ذلك فراراً كمن معه أربعون شاة باع منها قبل الحول شاة ، أو مائتا درهم أنفق منها درهماً هرباً من الزكاة وفراراً من الوجوب ، ففراره مكروه ، وهو مسيء به ، ولا زكاة عليه .

وقال مالك بن أنس عليه الزكاة ولا تسقط عنه لفراره استدلالاً بشيئين :

أحدهما : أن الله تعالى تواعد لمن تعرض لإسقاط حق الله تعالى ومنع الواجب فيه بإتلاف ماله ، فقال تعالى : ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أصْحَابَ الجَنَّةِ إِذْ أقْسَمُوا لِيَصْرِمُنْهَا مُصْبِحينَ وَلاَ يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنَ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحينَ ) ( القلم : 17 إلى 21 ) وذاك أن القوم أرادوا أن يتعجلوا أخذ ثمارها قبل علم المساكين بها ليمنعوهم الواجب فيها ، ألا ترى أنه تعالى قال : ( فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أنْ لاَ يَدْخُلَنَّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ) ( القلم : 23 ، 24 ) فإذا كان الوعيد عليه مستحقاً كان فعله محرماً ، وفعل المحرمات لا يمنع حقوق الله تعالى الواجبات .

والثاني : أن إسقاط المال كاجتلاب المال ، فلما كان اجتلاب المال لا يحمل بوجه محرم ، مثل أن يقتل مورثاً فلا يرثه ، كذلك إسقاط المال لا يحصل بوجه محرم .

ودليلنا قوله ( ص ) ‘ لا زكاة في مالٍ حتى يحول عليه الحول ‘ وما أتلفه لأجل الفرار لم يحل عليه الحول ، والباقي دون النصاب ، فاقتضى أن لا تلزمه الزكاة ، فإن قيل لا نسلم أن