الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص193
فأخذ عمر من كل عبد عشرة دراهم ، ورزقه جريبين ، ومن كل فرس عشرة دراهم ، ورزقة عشرة أجربة شعيراً .
قال أبو إسحاق : فأعطاهم أكثر مما أخذ منهم ، قال أبو إسحاق ولم تكن جزية ، ثم صار جزية راتبة في زمن الحجاج تؤخذ منهم ولا يعطون .
فالدلالة في هذا الحديث من وجوه :
أحدها : أنهم سألوه ولو كانت واجبة لبدأهم .
والثاني : أنه قال لم يأخذ صاحباي ، ولو كانت واجبة لأخذاها .
والثالث : أنه استشار ولو كان نص ما استشار .
والرابع : أن علياً عليه السلام قال : إن أمنت أن لا تكون جزية راتبة فافعل ، ولو وجبت لكانت راتبة .
والخامس : أن عمر أعطاهم في مقابلتها رزقاً ، ولو كانت واجبة لم يعطهم شيئاً .
ويدل على ذلك من طريق المعنى : أن يقال كل جنس من الحيوان لا تجب الزكاة في ذكوره إذا انفردت لا تجب في ذكوره وإناثه كالحمير والبغال ، وعكسه المواشي ، ولأنه حيوان يسهم له فشابه الذكور ، ولأنه حيوان لا يضحى به فأشبه الحمير ، ولأنه ذو حافر فشابه الذكور ، ولأنه حيوان لم يجب فيه من جنسه فلم يجب فيه من غير جنسه كالدجاج .
فأما الجواب عن حديث جابر فرواية غورك السعدي وهو مجهول عند أصحاب الحديث ، فلا يصح الاحتجاج به ، ولو صح لكان الجواب عنه من وجهين استعمالاً وترجيحاً .
فأما الاستعمال ففي زكاة التجارة ، ويكون ذكر الدينار على وجه التقريب ، فإن قيل : قد نص على السوم والسوم غير مؤثر في زكاة التجارة ، قيل إنما ذكره والله أعلم ليفرق بينه وبين الغنم ، فلا يظن أن سومها مسقط لزكاة التجارة كما أسقطها من النعم على أحد القولين ، وأما الترجيح : فقد عارضه قوله : ‘ عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق ‘ وهو أولى من وجهين :
أحدهما : أنه متفق على استعمال بعضه وهو الرقيق مختلف في استعمال بعضه وهو الخيل ، وخبرهم مختلف في استعمال جميعه ، فكان خبرنا أولى .
والثاني : أن خبرهم متقدم وخبرنا متأخر ، لأن قوله ‘ عفوت ‘ يدل على إيجاب متقدم ، والمتأخر أولى ، وأما حديث ابن مسعود فالجواب عنه قريب من جواب ما تقدم ، أو يحمل