پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص180

العدول من جنس إلى جنس ، ألا ترى أن في حقوق الآدميين لما لم يجز العدول من العين إلى الجنس لم يجز العدول من جنس إلى جنس .

والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه : رواية عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل أن رسول الله ( ص ) ‘ أمره أن يأخذ من الحب حبا ، ومن الغنم غنماً ، ومن الإبل إبلاً ، ومن البقر بقراً ‘ فاقتضى ظاهر أمره أن لا يجوز الأخذ من غيره . وروى عبد الله بن عمر قال : فرض رسول الله ( ص ) صدقة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير ، على كل حر وعبدٍ ذكرٍ أو أنثى من المسلمين فخيره بين التمر والشعير دون غيرهما ، والمخالف فخيره بينهما أو بين قيمة أحدهما ، وظاهر الخبر يمنع منهما .

وروي عن النبي ( ص ) قال : ‘ فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاضٍ ، فإن لم تكن فابن لبون ذكرٍ ‘ وفيه دليلان :

أحدهما : أنه أمر أن يأخذ ابن لبون على وجه البدل عند عدم بنت مخاض ، وأبو حنيفة يجيز أخذه على وجه القيمة مع وجود بنت مخاض .

والثاني : أنه نص على شيئين على الترتيب وأبو حنيفة يجيز ثالثاً وهو القيمة ، ويسقط الترتيب ، وروي عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ ومن بلغت صدقته جذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تؤخذ منه ويجعل معها شاتين إن استيسر ، أو عشرين درهماً ‘ وفيه دليلان كالذي قبله ، ثم قدر البدل من الدراهم بعشرين درهماً ، والقيمة غير مقدرة بالشرع كقيم المتلفات ، وإنما البدل مقدر بالشرع كالديات ، وهذا دليل ثالث من الخبر ، وهو أقواها ، ولأنه عدل عن المنصوص عليه إلى غيره فلم يجزه كسكنى داره ، وهو أن يسكنها الفقراء مدة تكون أجرتها قدر زكاته ، ولأنه إخراج قيمة في الزكاة فوجب أن لا يجزئه ، كما لو أخرج نصف صاع تمراً وسطاً عن صاع تمر رديء ، أو أخرج شاة سمينة عن شاتين مهزولتين ، ولأنه حق في مال يخرج على وجه الطهرة فلم يجز إخراج قيمته كالعتق في الكفارة ، فإن قيل هو باطل بجزاء الصيد يجوز عندكم إخراج قيمته ، قيل غلط ، لأن القيمة ليست مخرجة ، وإنما يتعذر بها البدل المخرج ، ألا تراه يقوم الجزاء دراهم ثم تصرف الدراهم في طعام ولا تخرج الدراهم ، ولأن الزكاة تشتمل على مقدر مأخوذ وهو الزكاة ، ومقدر متروك وهو النصاب ، فلما ثبت أن القدر المتروك لا يقوم مقامه ما كان في معناه ، وهو أن يكون معه أربعة من الإبل ثنايا تساوي خمساً من الإبل دون الثنايا وجب أن يكون المقدار المأخوذ لا يقوم مقامه ما كان في معناه .