الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص179
تفتقر إلى نية في ابتدائها بل يجوز تقديمها كالصيام وعبادة مختلف فيها وهي الزكاة والكفارة ، وعلى كلى الوجهين لو نوى عند الدفع أجزأه ، ولو نوى بعده لم يجزه ، ولكن لو نوى بعد دفعها إلى وكيله ، فإن كانت نيته قبل صرفها إلى أهل السهمان أجزأه وإن كانت نيته بعد صرفها إليهم لم يجزه ، لأنها صارت مستهلكة والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال :
إخراج القيم في الزكوات لا يجوز ، وكذا في الكفارات حتى يخرج المنصوص عليه بدلاً أو مبدلاً .
وقال أبو حنيفة : يجوز إخراج القيم في الزكوات والكفارات ، إلا أن يكون عتقاً ، فكل مال جاز أن يكون متمولاً ، إلا أن يكون سكنى دار ، أو من جنس منصوص عليه ، كإخراج نصف صاع تمر بدلاً عن صاع من زبيب ، واختلف أصحابه في إخراج القيمة ، هل هي الواجب أبو بدل عن الواجب ؟ على مذهبين :
وقال مالك : يجوز إخراج الورق عن الذهب ، والذهب عن الورق لا غير ، واستدلوا بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال في صدقة الفطر : ‘ أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم ‘ والإغناء قد يكون بدفع القيمة ، كما يكون بدفع الأصل ، وبما روي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ في خمس وعشرين بنت مخاضٍ ، فإن لم يكن فابن لبون ذكر ‘ فنص على دفع القيمة .
وبما روي عن معاذ أنه قال لأهل اليمن حين بعثه رسول الله ( ص ) والياً عليهم : ‘ ائتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم مكان الذرة والشعير فإنه أهون عليكم ، وأنفع للمهاجرين والأنصار بالمدينة ‘ فأمرهم بدفع الثياب بدلاً عن الذرة والشعير ، وهو لا يقول ذلك في حياة النبي ( ص ) إلا توقيفاً ، قالوا : ولأنه مال مزكى فجاز إخراج قيمته كمال التجارة .
قالوا : ولأن القيمة مال فجاز إخراجها في الزكاة كالمنصوص عليه ، قالوا : ولأنه لما جاز في الزكاة العدول عن العين إلى الجنس ، وهو أن يخرج زكاة غنمه من غيرها جاز