پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص178

باب النية في إخراج الصدقة

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ إذا ولي إخراج زكاته لم يجزه إلا بنية أنه فرض ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال :

إخراج الزكاة لا يصح إلا بنية ، فإن أخرجها بغير نية لم يجزه ، وبه قال كافة العلماء إلا ما حكي عن الأوزاعي : أن إخراجها لا يفتقر إلى نية ، استدلالاً بأن الزكاة إذا وجبت صارت ديناً في الذمة ، والديون في الذمم لا تفتقر إلى نية في الأداء كديون الآدميين ، ولأن ولي اليتيم يخرج الزكاة عنه واليتيم لا نية له ، والوالي يأخذها كرهاً من مال من امتنع والمكره لا نية له ، فلو كانت النية واجبة ما أجزأت الزكاة عن هذين لفقد النية منهما ، وفي إجزائهما عنهما دليل على أنها غير واجبة .

والدلالة عليه قوله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) ( البينة : 5 ) فجعل الإخلاص وهو النية شرطاً في صحة العبادة .

وروي أن النبي ( ص ) قال ‘ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى ‘ فدل على أن ليس له ما لم ينوه ، ولأنها عبادة تتنوع فرضاً وهو الزكاة ونفلاً وهو التطوع ، فوجب أن تفتقر إلى النية كالصلاة والصيام .

فأما الجواب عما استدل به من قضاء الدين فالمعنى فيه أنه ليس بعبادة ، وإنما هو حق لا حق لآدمي فلم تلزم فيه النية ، والزكاة عبادة لله تعالى فوجب فيها النية ، ألا ترى أن ما كان من حقوق الآدميين متعلقاً بالبدن كالقصاص ، وحد القذف ، لا يفتقر إلى نية ، فكذلك ما تعلق بالمال وما كان من حقوق الله تعالى متعلقاً بالسر كالصلاة والصيام يفتقر إلى نية فكذلك ما تعلق بالمال وأما ما ذكروه من إخراج الولي زكاة اليتيم ، وأخذ الوالي زكاة الممتنع ، فالجواب عنه أن ولي اليتيم هو المخاطب بالإخراج ، فأجزأت نيته ، والوالي العادل لا يأخذ من المال إلا ما وجب أخذه فلذلك أجزأه أخذه ، فإذا ثبت وجوب النية ففي محلها وجهان :

أحدهما : عند إخراجها ودفعها ، فإن نوى قبله أو بعده لم يجزه كالطهارة والصلاة .

والثاني : عند عزلها وقبل دفعها كالصيام ، وكذا في محل نية الكفارة وجهان ، فحصلت العبادات على ثلاثة أضرب : عبادة تفتقر إلى نية في ابتدائها كالطهارة والصلاة ، وعبادة لا