الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص176
قال الماوردي : وهذا كما قال :
إذا عجل بزكاة ماله قبل الحول فقد ملكها المساكين بالأخذ ويستقر ملكهم عليها بالوجوب ، لكنها في حكم ملكه قبل الحول حتى يستقر عليه الوجوب ، فإذا حال الحول ضم ما عجل إلى ما بيده وزكاهما معاً ، فلو كان معه أربعون شاة عجل منها شاة ثم حال الحول عليه تسعة وثلاثين والشاة المعجلة لزمته الزكاة ولو كان معه مائتا شاة فعجل زكاتها شاتي ظناً منه بأنهما قدر زكاته فلم يحل الحول حتى نتجت شاة وصارت مع التعجيل مائتي شاة وشاة كان عليه إخراج شاة ثانية اعتباراً بقدر ماله عند الحول ولو كان معه مائتا شاة وشاة فعجل زكاتها ثلاث شياه فلم يحل الحول حتى تلف من غنمه شاة وبقي معه مع ما عجله مائتا شاة ، كان له أن يسترجع من التعجيل شاة ، اعتباراً بقدر ماله عند الحول .
وقال أبو حنيفة : ما عجله كالتالف لا يجب ضمه إلى ما في يده ولا يجوز إذا كان معه أربعون شاة أن يعجل منها شاة ، لأن الباقي يقل عن النصاب ، فإن عجل منها شاة كانت كالتالفة ولا زكاة عليه فيما بقي لنقصه عن النصاب ، فإن كان معه إحدى وأربعون شاة ، جاز أن يعجل منها شاة ، لأن الباقي نصاب ، وكذا نقول في نصب الزكوات كلها ، احتجاجاً بأن التعجيل خارج عن ملكه داخل في ملك آخذه ، لجواز تصرفه فيه وانتفاعه به ، فلم يجز أن يلزمه زكاة مال هو في ملك غيره ، ولا أن يضم إلى جملة ماله .
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه : أن العباس سأل رسول الله ( ص ) أن يرخص له في تعجيل صدقته فرخص له ولم يسأله هل الباقي بعد التعجيل نصاب ، أو دون النصاب فدل على تساوي الحكم فيهما ، ولأن التعجيل إما أن يكون كالأموال المتلفة فلا يلزمه زكاتها ، أو الموجودة في ملكه فيلزمه زكاتها ، فلما أجزأه التعجيل عن زكاته ثبت أنها كالموجودة في ملكه ، لأن ما أتلفه غير مجزي في الزكاة ، ولأن الزكاة إنما تعجل للمساكين رفقاً لهم ونظراً لهم ، وفي إخراج القدر المعجل من الزكاة إضرار بهم ، لأنه إذا عجل شاة عن مائة وعشرين