الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص170
حنيفة ؛ لأنه تعجل الزكاة لكونه من أهلها ، ويساره يمنع أن يكون مستحقاً لها ، ثم الفرق بين أن يكون يساره مما تعجله أو من غيره ، المعنيان اللذان ذكرناهما قبل ، فلو تعجلها وهو فقير فاستغنى عن غيرها قبل الحول ثم افتقر عند حلول الحول ففي استرجاعها وجهان :
أحدهما : لا تسترجع لأنه فقير حال الدفع وحال الوجوب .
والثاني : تسترجع لأنه قد خرج من أهل الزكاة باستغنائه فلم يجز إقرارها في يده ، والأول أظهر ، ولكن لو تعجلها وهو غني وشرط أنه إن افتقر عند حلول الحول فهي له ، فحال الحول وهو فقير لم يجز ووجب استرجاعها منه ، لأن المقصود بتعجيل الزكاة الارتفاق بأخذها ، والغني لا ترتفق بها فلم تقع الزكاة موقعها ، فإن قيل : لو أوصى لوارث فلم يمت الموصي حتى صار الموصى له غير وارث صحت الوصية ، اعتباراً بحال الوجوب ، فهلا قلتم لمن عجل زكاته لغني ثم افتقر عند حلول الحول بجواز التعجيل اعتباراً بحال الوجوب ، قيل هما في المعنى سواء ، لأن الوصية تملك بالموت ، فاعتبر حاله عند الموت ، والتعجيل يملك بالدفع ، وإنما يستقر الملك بالحول ، فاعتبر حاله وقت الدفع والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال وجملة ما يتعجله الفقراء ضربان :
أحدهما : أن يتعجله الوالي لهم ، فقوله في التعجيل مقبول عليهم سواء شرط التعجيل أم لا ، لأن الوالي أمين عليهم ، فكان قوله مقبولاً عليهم .
والضرب الثاني : أن يتولى رب المال تعجيله إليهم ، فله حالان :
أحدهما : أن يشترط عليهم أنه تعجيل ، فيقول هذا تعجيل زكاتي ، فمتى تلف ماله قبل الحول كان له الرجوع عليهم بما عجله ، سواء شرط عليهم الرجوع به عند تلف ماله أم لا لأن حكم التعجيل وموجبه الرجوع به عند تلف ماله ، فلم يفتقر إلى اشتراطه .
والثاني : أن لا يشترط عليهم أنه تعجيل ، فليس له الرجوع به إذا تلف ماله ، إلا أن يصدقه الفقير المدفوع إليه وأن ذلك تعجيل ، فيستحق الرجوع ، ولا يكون قول رب المال مقبولاً عليه ، لأن ظاهر عطيته التمليك ، لأنه إن قال : هذه زكاتي فظاهر الزكاة ما وجبت ، وإن قال صدقة تطوع فبالدفع قد ملكت ، فإن أطلق فوجه إطلاقه إلى أحد هذين ، فإذا ثبت أن