الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص168
إما أن يكون قبل موته أو بعده ، أو شك هل كان موته قبل الحول أو بعده ، فإن مات بعد الحول فلا تراجع ، والزكاة مجزئة ، لأنه قد كان من مستحقي الزكاة عند وجوبها ، وإن مات قبل الحول : وجب استرجاعها من تركته ، لأن تعجيل الزكاة موقوف بين الإجزاء والاسترجاع ، وذلك لا يجزي رب المال ، فكان له الاسترجاع ، وقال أبو حنيفة لا يجوز له استرجاعها ، بل تكون صدقة تطوع ، فجعلها موقوفة بين الإجزاء عن الفرض أو التطوع ، وهذا غلط ، لأن المقصود بتعجيل الزكاة إسقاط الفرض ، فإذا لم يسقط وجب استرجاعها ، كمن دفعها إلى رجل ظاهره الإسلام فبان كافراً ، كان له استرجاعها ، لأن إسقاط الفرض المقصود بالدفع لم يحصل ، كذلك فيما عجل وإن شك في موته هل كان قبل الحول أو بعده ففي جواز استرجاعها وجهان :
أحدهما : تسترجع منه اعتباراً باليقين في التعجيل ، لأنه متردد بين أن يموت بعد الحول فتجزي ، وقبل الحول فلا تجزي ، وفرض الزكاة لا يسقط بالشك .
والوجه الثاني : لا تسترجع منه اعتباراً باليقين في الاسترجاع ، لأنه متردد بين أن يموت قبل الحول فتسترجع ، وبعد الحول فلا تسترجع ، وما قد ملك بالقبض فلا يجوز استرجاعها بالشك ، فعلى هذا يجزي ذلك رب المال ، لأنه الاسترجاع إذا لم يجب بالإخراج ثانية لا يجب ، فهذا الكلام في وجوب الاسترجاع .
أحدهما : أن يستحق الرجوع في حق أهل السهمان ، فيستحق الرجوع بمثله من الحيوان لأن الرجوع مستحق بما ينصرف في الزكاة والزكاة لا تنصرف فيها إلا غير الحيوان دون قيمته ، فلم يجز الرجوع إلا بالحيوان دون قيمته .
والضرب الثاني : أن يستحق الرجوع في حق رب المال ، فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : يعود بمثله حيواناً ، وهو ظاهر نصه ، لأن المقصود بتعجيل الزكاة الرفق والمواساة ، فجرى مجرى فرض الحيوان الذي يرجع فيه بالمثل لا بالقيمة .
والوجه الثاني : وهو أقيس يرجع بقيمته كسائر المتلفات ، وحملوا قول الشافعي يعود بمثله على ماله مثل ، فإذا وجبت القيمة على هذا الوجه ففي اعتبار زمان القيمة وجهان :