الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص160
ذهبنا إليه ما رواه حجية بن عدي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أن العباس سأل رسول الله ( ص ) عن تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك وروى أبو البختري عن علي عليه السلام أن النبي ( ص ) استسلف من العباس صدقة عامين وروى مقسم عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : أسلفنا العباس صدقةً العام والعام المقبل ) فإذا قيل فتعجيل زكاة عامين عندكم لا يجوز قلنا فيه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : وهو الأظهر جواز تعجيلها أعواماً إذا بقي بعد المعجل نصاب استدلالاً بظاهر هذه الأخبار .
والثاني : لا يجوز تعجيل أكثر من عام واحد فعلى هذا عن حديث العباس جوابان :
أحدهما : أنه تعجل ذلك في عامين متواليين أحدهما بعد الآخر .
والثاني : أنه أخذ منه في رأس الحول زكاة العام الماضي وهي واجبة وزكاة العام المقبل وهي تعجيل ، فنقل الراوي أنه استسلف منه زكاة عامين ، ويدل على ما ذكره الشافعي في صدر الباب من حديث أبي رافع أن رسول الله ( ص ) استسلف من رجل بكراً ، فلما جاءته إبل من إبل الصدقة فأمرني أن أقضيه فلما رد القرض من مال الصدقة دل على أنه كان قد اقترض لأهل الصدقة ، لأنه لا يجوز أن يصرف مال الصدقة في غير أهلها ، مع أن الصدقة لا تحل له وإذا كان كذلك فالدلالة فيه من وجهين :
أحدهما : أن الصدقة إذا وجبت على أرباب الأموال وجبت لأهل السهمان ، فإذا جاز أن يتعجلها من تجب له قبل وجوبها له ، جاز أن يعجلها من تجب عليه قبل وجوبها عليه .
والثاني : أن القرض المعجل بدل والزكاة مبدل ، فلما جاز تعجيل البدل عن الزكاة كان تعجيل المبدل وهي الزكاة أولى ، لأن المبدل أكمل حالاً من البدل ، فكان في هذا الحديث دلائل .