الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص157
فهذا الكلام في موضع الأخذ .
فأما كيفية الأخذ : فهو : أن يبدأ الساعي بأسبق المواشي وأقربها إليه . فيأمر بضمها إلى مضيق من جدار أو حظار أو جبل ، ويحضر الكاتب فيكتب اسم مالكها ، ويقف العاد في أضيق المواضع ليعدها ، والحشار يحشرها ليعدها العاد بعيراً بعيراً ، ويكون بيده عود يشير به إليها ويرفع صوته بالعدد لتؤمن عليه الخيانة والغلط ، حتى يأتي على جميع الماشية ثم يثبتها الكاتب على رب المال .
قال الشافعي وهذا أخصر العدد وأوحاه ، وبه جرت العادة ، فإذا ادعى رب المال غلطاً على الساعي أو ادعى الساعي غلطاً على رب المال أعيد العدد ليزول الشك .
وقد روى أبو إدريس عن ثوبان أن رسول الله ( ص ) ‘ لعن الراشي والمرتشي والرائش ‘ ذكره ابن قتيبة في ‘ غريب الحديث ‘ فالراشي دافع الرشوة ، والمرتشي قابل الرشوة ، والرائش المتوسط بينهما ، وروي أن رسول الله ( ص ) بعث مصدقاً من الأزد يقال له ابن اللبية فجاء بأشياء فعزل بعضها وقال : هذا لكم وعزل بعضها وقال : هذا أهدي إلي فغضب رسول الله ( ص ) غضباً شديداً ورقى المنبر وقال ما بال أقوامٍ ننفذهم إلى الصدقة فيقولون هذا لكم وهذا أهدي إليّ أما كان يجلس في بيت أمه ثم ينظر هل كان يهدى إليه شيء أم لا ، والذي نفسي بيده لا يأخذ منها شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على عاتقه ، إن كان بعيراً له رغاء ، أو بقرة لها خوارٌ ، أو شاةً تيعر ، ثم رفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه ثم قال : اللهم هل بلغت .
وروي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ لا تخالط الصدقة مالاً إلا أهلكته ‘ .