پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص143

فصل

: فإن قيل : إن الخلطة في غير المواشي لا تصح فلا زكاة على واحد من الخليطين حتى يكون ملكه نصاباً ، وإذا قيل إن الخلطة في غير المواشي جائزة كهي في الماشية صحت فيها خلطة الأعيان ، وهو أن يكونا شريكين في أرض ذات نخل وزرع أخرج الله تعالى فيها خمسة أوسق ، أو يكونا شريكين في عشرين ديناراً أو مائة درهم ، فأما خلطة الأوصاف فهل تصح فيها أم لا على وجهين ، وهو أن تكون أرض أحدهما تلاصق أرض الآخر ويكون شربهما واحداً والقيم بهما واحداً ، أو يكون لهذا مائة درهم ويكون لهذا مائة درهم في كيس ، ويكون حافظهما واحداً وحرزهما واحداً ، فأصح الوجهين أن هذه الخلطة لا تصح لأنها مأخوذة من الاختلاط ، وهذه مجاورة .

والوجه الثاني : أن هذه الخلطة تصح ، لأن معنى الخلطة ارتفاق كل واحد من الخليطين بصاحبه ، وقد يرتفقان في هذه الخلطة لقلة المؤونة .

فصل

: فأما قول الشافعي أرأيت لو أن حائطاً صدقته مجزئة على مائة إنسان ليس فيها إلا عشرة أوسق أما كانت فيه صدقة الواحد ؟ وهذا أراد به مالكاً حيث منع من الخلطة في غير المواشي ، وقال في وقف على جماعة : أخرج الله تعالى فيه خمسة أوسق أن عليهم الزكاة ، فأورده الشافعي إفساداً لمذهبه وكسراً لأصله ، فإن قيل هذا يلزم مالكاً ، لأن الوقف عنده لا يملك ، قلنا : الوقف وإن كان عنده غير مملوك فالثمرة مملوكة ، فكان ما ذكره الشافعي قدحاً داخلاً عليه ، وللشافعي في رقبة الوقف قولان :

أحدهما : ملك للموقوف عليه غير أن ليس له بيعة ك ‘ أم الولد ‘ .

والقول الثاني : أنه غير مملوك بل قد زال الملك عنه وصار خالصاً لله تعالى كالعبد المعتق ، وعلى كل القولين الزكاة في زرع الوقف وثمرته واجبة ، فإن قيل إن الخلطة فيه لا تصح فلا زكاة حتى تبلغ حصة كل واحد منهم خمسة أوسق ، وإن قيل إن الخلطة فيه تصح على قوله الجديد ففيه الزكاة إذا بلغ جميعه خمسة أوسق إذا كان على قوم معينين ، فإن كان عاماً على من لم يتعين من الفقراء أو المساكين ، أو على ما لا يصح أن يملك من المساجد والمصانع فلا زكاة فيه ، لأن الزكاة تجب على ملك من أهل الزكاة ، فعلى هذا لو أن رجلاً وقف رقاب أربعين من الغنم سائمة ، فإن قيل رقبة الوقف لا تملك فلا زكاة فيها ، وإن قيل إن رقبة الوقف مملوكة ففي إيجاب زكاتها وجهان :

أحدهما : واجبة لأنها ملك لمن تلزمه الزكاة .

والثاني : أنها غير واجبة وهو أصح ، لأنها وإن كانت مملوكة فملكها غير تام كالمكاتب ، ألا تراه لايقدر على بيعها ورهنها ، والله أعلم بالصواب .