الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص139
للزكاة ، لأن مال كل واحد منهما لم يزد ، وهذا فاسد ، وعموم ما استدللنا به على أبي حنيفة يبطله ، ثم يقال له ليس يخلو حالك من أحد أمرين : إما أن تعتبر الملاك كاعتبار أبي حنيفة ، وقد دللنا على فساده ، أو تعتبر الملك كاعتبارنا فلا يصح ما ذكرته ، فأما استدلاله بأن كل واحد منهما غير مخاطب بالزكاة ، فيقال له إن أردت مع اجتماع المالين فغير مسلم ، بل هما مخاطبان ، وإن أردت مع انفرادهما ، فالمعنى فيه عدم النصاب ، وإذا اجتمعا كان النصاب موجوداً .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأنا قد ذكرنا أن الخلطة نوعان ، خلطة أوصاف وخلطة أعيان ، فخلطة الأعيان الشركة ، وخلطة الأوصاف ، ما تعين مال كل واحد منهما بصفة ، واختلف أصحابنا هل تسمى خلطة لغة أو شرعاً فقال بعضهم تسمى خلطة شرعاً ، لا لغة ؛ لأن الخلطة في اللغة ما لم يتميز ، وقال آخرون بل يسمى ذلك لغة وشرعاً ، وقد جاء القرآن بمثله في قصة داود ( إنَّ هذَا أَخِي ) ، إلى قوله تعالى : ( وَإِنَّ كَثِيراُ مِنْ الخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) ( ص : 24 ) فسماهم خلطاء وإن كانت النعجة متميزة عن النعاج ، فإن قيل فقول الشافعي والذي لا أشك فيه أن الشريكين ما لم يقسما الماشية خليطان ، يقتضي أن يكون شاكاً في خلطة الأوصاف ، قيل إنما قال هذا لأن خلطة الأوصاف قد ورد الشرع بها ، ثم لم يشك في أن الشركة خلطة فاقتضى أن يكون ما لم يشك فيه لاحقاً بما ورد الشرع به والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : أما خلطة الأوصاف ، إذا أخذ الساعي الزكاة من أحد المالين ، فلربه أن يرجع على شريكه بحصته ، فإن لم يظلمه الساعي رجع عليه بقيمة حصته مما أخذ ، وإن ظلمه رجع بقيمة حصته من الواجب ولم يرجع عليه بالزيادة التي ظلم بها ، وأما خلطة الأعيان : فإن كانت فريضتها الغنم ، فالجواب في التراجع على ما ذكرنا في خلطة الأوصاف ، وإن كانت ماشية فريضتها منها فلا تراجع بينهما ، سواء كان عدلاً أو حيفاً لأن المأخوذ منهما على قدر ماليهما ، ولكن تطوع أحدهما في هذا بأن أعطى زيادة على الواجب ، فإن كان بأمر شريكه فلا شيء عليه ، وإن كان بغير أمره ضمن حصة شريكه من الزيادة والله أعلم .