پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص137

كل واحد منهما ناقص عن النصاب فوجب أن لا تلزمه زكاة كالمنفرد ، ولأن الزكاة تجب بالحول والنصاب ، فلما لم يكن للخلطة تأثير في الحول ووجب اعتبار حول كل واحد منهما على انفراده ، وجب أن لا يكون لها تأثير في النصاب ، ويعتبر نصاب كل واحد منهما ، على انفراد ، وتحرير ذلك قياساً أنه أحد شرطي الزكاة ، فوجب أن لا يتغير بالخلطة كالحول ، ولأن النصاب الذي يقطع فيه السارق مقدر كما أن النصاب الذي تجب فيه الزكاة مقدر ، فلما كان الشركاء في سرقة نصاب لا قطع عليهم حتى تبلغ سرقة كل واحد منهم نصابا ، وجب أن يكون الخلطاء في المال لا زكاة عليهم حتى تبلغ حصة كل واحد منهم نصاباً ، وتحرير ذلك قياساً أنه حق تعلق بقدر من المال فوجب أن يستوي فيه حكم الاشتراك والانفراد كالقطع في السرقة .

والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه عموم قوله ( ص ) في أربعين شاة شاة ، وفي خمس من الإبل شاةٌ ، وفي ثلاثين بقرةٍ تبيعٌ ، ولم يفرق بين أن يكون ذلك لمالك أو ملاك وروى الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا يفرق بين مجتمع ، ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة ، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ‘ .

وفيه تأويلان :

أحدهما : قوله ‘ لا يجمع بين مفترق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ‘ أي : لا يجمع بين الأملاك المتفرقة ، وهو أن يكونوا ثلاثة لكل واحد منهم أربعون مفردة ، فلا تجمع ليؤخذ منها شاة ، وتكون على تفريقها ليؤخذ منها ثلاث شياه ، ولا يفرق بين الأملاك المجتمعة ، وهو أن يكونوا ثلاثة بينهم مائة وعشرون مجتمعة ، فلا تفرق ليؤخذ منها ثلاث شياه وتكون على اجتماعها ليؤخذ منها شاة ، فيحمل قوله لا يجمع بين متفرق على الأملاك ، ولا يفرق بين مجتمع على الأملاك ، وقال أبو حنيفة أحمل قوله لا يجمع بين متفرق على الأملاك كقول الشافعي ، ولا يفرق بين مجتمع على الملك الواحد ، لا على الأملاك وهو أن يكون لرجل مائة وعشرون شاة ، فلا تفرق ليؤخذ منها ثلاث شياه ، وتكون على اجتماعها في المال ليؤخذ منها شاة ، وهذا فاسد من وجهين :

أحدهما : أن هذا معلوم بقوله ‘ في أربعين شاة شاة إلى مائة وعشرين ‘ فكان حمل الحديث على استفادة حكم آخر أولى .

والثاني : أن النبي ( ص ) نهى عن تفريق ، ما نهى عن جمعه ، فلما كان نهي الجمع في الأملاك لا في الملك ، وجب أن يكون نهي التفريق في الأملاك لا في الملك ، فصحت هذه الدلالة من الخبر .