پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص127

إلى ربها فيطالبه بزكاتها ، لأن البينة العادلة خير من الدعوى الكاذبة واليمين الفاجرة ، فإن قيل : ولم أجزتم شهادتهما وقد شهدا من غير أن يستشهدا ورسول الله ( ص ) يقول خير هذه الأمة قرني الذي أنا فيهم ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب في الناس حتى يشهد الشهود من قبل أن يستشهدوا .

قيل : إنما اجتزينا بهذه الشهادة ؛ لأنها تتعلق بحق الله تعالى يستوي فيه الشاهد والمطالب فحسن أن يشهد فيه قبل أن يستشهد ، وكذلك حقوق الأيتام والضعفاء ومن لا ناصر له ولا معاضد ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ خير الشهادة ما شهد به الشهود قبل أن يستشهدوا فيها ‘ ، فكان هذا الحديث موافقاً لمعنى ما ذكرنا ، ويحمل ذلك الحديث على دعاوى الخصوم في حقوق الآدميين ، فيكون الحديثان معاً مستعملين ، فإن قيل : فما تقولون في الشاهدين إن كانا فقيرين من أهل الصدقة تقبل شهادتهما أم لا ؟ قيل إن كانا من جيران المالك وأهله لم تقبل شهادتهما لأنهما قد يتهمان أن يجرا بالشهادة نفعاً إلى أنفسهما ، وقد ورد عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تجوز شهادة الخائن ولا ذي غمر ، ولا شهادة القانع لأهل البيت ‘ يعني بذي الغمر العدو ، والقانع : السائل لأهل البيت الذين كانوا يتعاهدونه بالبر والصدقة ، وإن كان من غير جيران المالك ، وممن لا تفرق بينهما تلك الزكاة لبعدهما ففي قبول شهادتهما وجهان :

أحدهما : تقبل لانتفاء الريبة عنهما .

والثاني : لا تقبل خوفاً من التهمة بأن تؤول الصدقة إليهما ، فإذا قامت عليه البينة العادلة بأنها في يده من أول الحول إلى آخره ، طولب بأداء الزكاة ، فإن أكذب البينة لم يلتفت إلى إكذابه ، وأخذت منه الزكاة جبراً ، وإن أصدق البينة وادعى أنه قد كان باعها في تضاعيف الحول شراء ثم ابتاعها فالقول قوله مع يمينه ، لأنه أمين وما قاله محتمل لكن اختلف أصحابنا هل هذه الدعوى توافق الظاهر أو تخالفه ؟ على وجهين :

أحدهما : أنها موافقة للظاهر فعلى هذا تكون اليمين استظهاراً فإن نكل عنها لم تؤخذ منه الزكاة .

والثاني : واجبة فإن نكل عنها أخذت منه الزكاة .