الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص126
والثاني : أنه جهل تعليل قوله ، لأن العلة في أخذ الزكاة منه الظاهر المتقدم لا النكول الطارئ ، وأما غلطه على نفسه فإنه أوجب حبس رب المال بنكوله ، والنكول لا يوجب الحبس ، كما لا يوجب الحكم بالحق فكان ما ارتكبه مساوياً لمثل ما أذكره .
قال الماوردي : وأصل هذا أن لا زكاة على من بيده مال إلا بأوصاف ورد بها الشرع منها الملك والسوم والحول ، فإذا كان بيد رجل أربعون من الغنم فطالبه الساعي بزكاتها ، فذكر أنها ليست له وإنها بيده وديعة فينبغي للساعي أن يسأله عن مالكها ، فإن أخبر به ووقع في نفس الساعي صدق قوله لم يحلفه ، لأنه أمين مصدق ، وإن اتهمه وارتاب بقوله أحلفه استظهاراً وجهاً واحداً ، لأنه أمين قد استند إلى ظاهر ، فإن امتنع من الإخبار بمالكها فعلى وجهين :
أحدهما : وهو الصحيح أن قوله مقبول ولا زكاة عليه ، فإن صدق لم يحلف وإن اتهم أحلف استظهاراً كما لو أخبر بمالكها .
والوجه الثاني : وهو ضعيف ، يؤخذ منه الزكاة إذا امتنع من الأخبار بمالكها . لأن لليد ظاهراً يدل على الملك وهذا غلط ، لأن اليد تدل على الملك إذا اعتبرت بدعوى صاحب اليد ، فأما مع إنكاره فلا اعتبار بيده ، ولو قال صاحب اليد هي ملكي لكن لم يحل عليها الحول ، فالقول قوله ، وإن صدقه الساعي فلا يمين عليه ، وإن اتهمه أحلفه استظهاراً ، لأنه في إنكار الملك والحول والسوم يرجع إلى ظاهر يعاضد قوله من غير إقرار يقدم بالوجوب ، فلذلك كانت اليمين فيه استظهاراً ، والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها في رجل معه أربعون من الغنم طالبه الساعي بزكاتها ، فذكر أن حولها لم يحل فقبل الساعي قوله ، ثم إن شاهدين شهدا عليه أنها كانت معه من أول الحول إلى آخره .
قال الشافعي : لا أقبل شهادتهما حتى يقطعا الشهادة عليها بأعيانها بأن يقولا كانت هذه الغنم ويشيرا إليها لهذا الرجل ويشيرا إليه من أول الحول إلى آخره ، فإن زادا أو تمما الشهادة لو قالا لا نعلم أنها خرجت عن ملكه كان أحوط فإن صحت شهادتهما فعلى الساعي أن يرجع