الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص123
والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج وأبي إسحاق المروزي أن حكم الإبل والبقر مخالف لحكم الغنم ، فلا يؤخذ من فصلان الإبل وعجول البقر فصيل ولا عجل بحال ، بل يؤخذ منها السن الواجب لقيمة ماله ، مثال ذلك : أن يكون معه خمس وعشرون بعيراً ، فالواجب فيها بنت مخاض ، فيقال : لو كانت كباراً وكانت قيمتها مائة دينار لوجب فيها بنت مخاض قيمتها خمسة دنانير ، وذلك نصف عشر المال فوجب إذا كانت فصالاً قيمتها عشرون ديناراً أن يؤخذ منها بنت مخاض قيمتها دينار ، لتكون الزكاة بقدر نصف عشر المال ، ثم كذلك البقر ، وفرقوا بين الغنم وبين الإبل والبقر ، بفرقين :
أحدهما : أن أسنان فرائض الإبل والبقر منصوص عليه فلم يجز تركه لمخالفة النص ، وأسنان فرائض الغنم لم يرد النص به ، كوروده في الإبل والبقر ، فجاز تركه عند فقده .
والفرق الثاني : وهو العمدة : أن فرائض الإبل والبقر تتغير بزيادة السن ، وفرائض الغنم تتغير بزيادة العدد ، فلم يجز أن يؤخذ من صغار الإبل صغير ، لأن فيه تسوية بين قليل المال وكثيره ، وجاز أن يؤخذ من صغار الغنم صغير ، لأنه لا يستوي فرض قليل المال وكثيره ، وتأولوا قول الشافعي على ما تمهد من أصوله وتقرر من مذهبه .
والوجه الثالث : وهو ضعيف : أن ما كان من الإبل يتغير فرضها بزيادة العدد لا بزيادة السن فهي كالغنم يؤخذ من صغارها صغير كالستة والسبعين والإحدى والتسعين ، وما كان منها يتغير فرضها بزيادة السن لا بزيادة العدد لم يؤخذ منها صغير ، كالستة والثلاثين والستة والأربعين ، ومنها مذهب لا يتحصل لوضوح فساده من الاعتبار والله أعلم .
قال الماوردي : أما إن كانت ماشيته نوعاً واحداً لا تختلف ولا تتنوع فالواجب أن تؤخذ زكاته منها جيداً كان أو رديئاً ، فإن أعطى عن الجيد رديئاً لم يقبل قال الله تعالى : ( وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) ( البقرة : 267 ) وإن كان ماله أنواعاً مختلفة كأن كانت غنماً بعضها ضأن ، وبعضها معزى ، أو كانت إبلاً بعضها مهرية وبعضها أرحبية ، أو كانت بقراً بعضها درباسة وبعضها عراب ، فذلك ضربان :
أحدها : أن يستوي النوعان في العدد .