الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص116
برواية ابن الزبير عن جابر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ اعلموا شهراً تودون فيه زكاة أموالكم ، فما حدث بعد ذلك فلا زكاة فيه حتى يجيء رأس السنة ‘ فقد بين أن السنة تجمع لزكاة المالين جميعاً من الأصل المستفاد ، وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ في خمس شاة ، ثم لا شيء في زيادتها حتى تبلغ عشراً ‘ فاقتضى الظاهر أنها متى بلغت عشراً بفائدة منها أو من غيرها وجب تغيير الفرض بها ، وقال ( ص ) لساعيه ‘ عد عليهم صغيرها وكبيرها ‘ ولم يفرق ، ولأنها زيادة من نفس ماله ، فوجب إذا لم يزل بدله أن يضمه إلى حول ما عنده ، كالنتاج وأرباح التجارات ، ولأن الزكاة تفتقر إلى عدد وأمد ، فالعدد النصاب ، والأمد الحول ، فلما لم يعتبر في المستفاد النصاب لم يعتبر فيه الحول .
والدلالة على أن كل مال مستفاد من غير النتاج يجب استئناف حوله ولا يكون تابعاً لحوله قوله ( ص ) ‘ لا زكاة على مالٍ حتى يحول عليه الحول ‘ فكان عاماً وروى زيد بن أسلم عن نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال ‘ ليس في المال المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول ‘ وهذا نص ، وقد رواه أيضاً جابر بن زيد عن ابن عمر ، ورواه أبو سعيد الخدري عن رسول الله ( ص ) ، ولأنه أصل في نفسه تجب الزكاة في عينه ، فوجب أن لا يعتبر حوله بغيره . أصله : إذا كانت الفائدة من غير جنس ماله ، ولأنها فائدة غير متولدة مما عنده تجب الزكاة في عينها ، فوجب أن يكون حولها معتبراً بنفسها ، أصله ما وافقنا عليه أبو حنيفة فيمن معه مائتا درهم ، قد أخرج زكاتها ، وأربعون من الغنم من بقي شهر من حولها ، فاشترى بالمائتين إحدى وثمانين شاة .
قال أبو حنيفة : لا يجب أن يزكيها بحول الأربعين ، ويستأنف لها الحول من يوم ملكها ، لأنه قد زكى أصلها وهو المائتان ، ولو لم يزك أصلها ضمها ، وهذا حجة عليه مقنعة ، ولأن في ضم المال المستفاد من غير النتاج ما يؤدي إلى مخالفة أصول الزكوات ، لأنها تجب في الحول مرة ، وذلك يؤدي إلى إيجابها في الحول مراراً .
مثال : فيمن معه خمس من الإبل قد بقي من حولها يوم ، فابتاع خمساً من الإبل فزكاها بعد يوم ثم باعها على رجل معه خمس من الإبل قد بقي من حولها يوم فزكاها الثاني بعد يوم ثم باعها على ثالث حاله كذلك ، ثم على رابع ، وخامس فيؤدي زكاة الخمس في السنة الواحدة مراراً ، وهذا مناف لأصول الزكوات المقدرة على إيجابها في كل حول مرة .
فأما الجواب عن استدلالهم بقوله ( ص ) ‘ اعلموا شهراً تؤدون فيه زكاة أموالكم ، فما حدث بعد ذلك فلا زكاة فيه حتى يجيء رأس السنة ‘ فلا حجة فيه ، لأنه يحتمل رأس السنة