پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص98

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه :

وإن كانت كلها معيبة لم يكلفه صحيحاً من غيرها ويأخذ جبر المعيب .

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كان جميع ماله معيباً لم يكلف زكاتها صحيحاً سليماً ، وأخذت زكاتها منها ، وقال مالك بن أنس لا تؤخذ إلا الصحيحة عن المراض ، والكبيرة عن الصغار ، احتجاجاً بقوله ( ص ) ‘ لا تأخذ هرمة ولا ذات عوارٍ ‘ وهذا غلط لقوله ( ص ) لمعاذ حين بعثه إلى اليمن ‘ يسر ولا تعسر ، وبشر ولا تنفر ، فإن أطاعوك بالصدقة فخذ منهم وتوق كرائم أموالهم ‘ ولرواية جبير بن نفير عن عبد الله بن معاوية الغاضري أنه قال سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ ثلاث من عملها طَعِمَ طَعْمَ الإيمان : من عبد الله سبحانه لا إله غيره ، وأخرج زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه كل عام ولم يخرج الدرنة ولا الشرط اللئيمة ولكن أخرج وسط المال ، فإن الله تعالى لم يسلبكم خيره ، ولم يأمركم بشره ‘ ولأن كل ما تؤخذ زكاته من جنسه لا يكلف إخراج زكاته من غيره ، كالحبوب والثمار لا يكلف من التمر الرديء إخراج الجيد ، فأما قوله ( ص ) : ‘ لا تأخذ هرمةً ولا ذات عوارٍ ‘ فالمراد به المال السليم .

فصل

: فإذا تقرر أنه لا يكلف زكاتها صحاحاً من غير ماله فقد قال الشافعي ‘ يأخذ خير المعيب ‘ واختلف أصحابنا في مراده فمنهم من أجرى الكلام على ظاهره وأوجب أخذ خير المعيب من جميع ماله ، وهذا غلط ، لأنه لا يطرد على أصل الشافعي ، ومنهم من قال أراد بذلك أخذ خير الفرضين وهي الحقاق وبنات اللبون ولم يرد خير جميع المال وهو الصحيح ، وبه قال أبو علي بن خيران ، ومنهم من قال أراد بخير المعيب أوساطها ، كما قال الله سبحانه : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاس ) ( آل عمران : 110 ) يعني : وسطاً ، لأنه قال تعالى في آية أخرى : ( كَذَلَكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) ( البقرة : 143 ) ومن قال بهذا السهم في اعتبار الأوسط وجهان :