الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص97
مالك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما كتب له إلى البحرين ، كان له في كتابه لا تأخذ هرمة ، ولا ذات عيب .
وروى الزهري عن سالم عن أبيه عن عبد الله بن عمر أنه كان في كتاب رسول الله ( ص ) إلى عمرو بن حزم ، ولا تأخذ هرمة ولا ذات عوارٍ ، ولأن أمر الزكوات مبني على المعادلة بين المساكين ، وأرباب الأموال ، والرفق بهما ، فلما لم يأخذ من المعيب صحيحاً رفقاً برب المال ، لم يأخذ من الصحيح معيباً رفقاً بالمساكين ، فإذا تقرر أنه لا يجوز أخذ المعيب فيها ، قيل لرب المال أنت بالخيار أن تأتينا بفرضها من غيرها ، إما أربع حقاق ، أو خمس بنات لبون تشبه مالك ، وبين أن نأخذ منك السن الأعلى ، أو تعطي السن الأدنى وتأخذ ، فإن صعد إلى السن الأعلى وهو الجذاع ، صعد إليها من الحقاق لا من بنات اللبون ، لأنه إذا صعد من بنات اللبون صعد إلى الحقة وهي فرضه ، وإن أراد النزول نزل من بنات اللبون إلى بنات المخاض ، ولا ينزل من الحقاق إليها لما ذكرنا .
فأما قول الشافعي : فإن كان الفرضان معيبين بمرض أو هيام ، أو غير ذلك ، وسائر الإبل صحاح ، فيعني وباقي الإبل صحاح ، لأن لفظة سائر إنما تستعمل في موضع كل على وجه المجاز ، وإلا فهي مستعملة فيما بقي حقيقة ، قال رسول الله ( ص ) ‘ إذا أكلتم فاسئروا ‘ أي فبقوا وقال الأعشى :
ولذلك يقال لما بقي في الإناء سؤر .
قال الماوردي : وهو كما قال :
إذا كانت إبله صحاحاً ومراضاً لم يجز أن تؤخذ زكاتها مراضاً لما تقدم من الدليل ، ووجب أن تؤخذ زكاتها من الصحاح اعتباراً بقدر ماله .
مثال ذلك : أن يكون معه ثلاثون من الإبل نصفها صحاح ونصفها مراض ، يكون فرضها بنت مخاض ، فقال : كم تساوي بنت مخاض من مراضها ، فيقال : مائة درهم ، ويقال : كم تساوي بنت مخاض من صحاحها ، فيقال ثلاثمائة درهم ، فيؤخذ نصف المائة وهو خمسون ونصف الثلاثمائة وهو مائة وخمسون فتضيفهما فيكونان مائتين ، فيؤخذ منه بنت مخاض من الصحاح ، وثمنها مائتا درهم ، ثم على هذا الاعتبار فيما زاد ونقص .