الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص93
وأما الإبل التي فريضتها منها : فكرجل معه خمسة وثلاثون من الإبل حال حولها ، ثم تلف منها قبل الإمكان عشرة ، وبقي خمس وعشرون ، فإن قلنا : إن الإمكان من شرائط الوجوب فعليه بنت مخاض ، وإن قلنا إنه من شرائط الضمان : فإن قلنا إن بنت مخاض وجبت في خمس وعشرين ، والزيادة عليها عفو ، فعليه أيضاً بنت مخاض ، وإن قلنا إنها وجبت في الخمس والثلاثين فعليه خمسة أسباع بنت مخاض ، لبقاء خمسة أسباع المال ، وفي قدر زكاتها وجهان :
أحدهما : بنت مخاض .
والثاني : خمسة أسباع بنت مخاض فلو حال حوله على خمس وثلاثين من الإبل ، ثم تلف منها قبل الإمكان خمسة عشر وبقي خمس وعشرون ، ففي قدر زكاتها ثلاثة أوجه :
أحدها : أربع شياه ، إذا قيل إن الإمكان من شرائط الوجوب .
والثاني : أربعة أخماس بنت مخاض ، إذا قيل إن الإمكان من شرائط الضمان وأن بنت مخاض وجبت في خمس وعشرين .
والثالث : أربعة أسباع بنت مخاض ، إذا قيل إنها وجبت في خمس وثلاثين لبقاء أربعة أتساع المال وعلى هذا ، وقياسه يكون جواب ما يتفرع من المسائل على هذين الأصلين وبالله تعالى التوفيق .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الإبل إذا بلغت مائتين إما أربع حقاق أو خمس بنات لبون ، فإن لم يوجد في المال إلا أحد الفرضين أخذه المصدق ، وإن كان غيره أفضل منه ، لا يختلف مذهب الشافعي وسائر أصحابه ، حقاقاً كانت أو بنات لبون ، فأما إذا اجتمع الفرضان معاً في المال : فمذهب الشافعي أن الفرض في أحدهما إما أربع حقاق أو خمس بنات لبون وخرج بعض أصحابنا قولاً ثانياً للشافعي من كلام ذكره في القديم : أن المصدق يأخذ الحقاق لا غير ، وليس تخريج هذا القول صحيحاً ، بل مذهبه في القديم والجديد لم يختلف في جواز أخذ كل واحد من الفرضين مع وجود الآخر ، لتعليق النبي ( ص ) الفرض بهما ، ثم مذهب الشافعي أن على المصدق أن يجتهد في أخذ أفضلهما ، فإن كانت الحقاق أفضل أخذها ، وإن كانت بنات لبون أفضل أخذها وليس لرب المال أن يمنعه .