الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص90
كلها مأخوذة من الأوقاص والنصب ، والأوقاص الزائدة عليها عفو ليس لها في الوجوب مدخل .
ووجه هذا القول : قوله ( ص ) : ‘ في خمس شاة ‘ وفيه دليل من وجهين :
أحدهما : أوجب الشاة فيها فاقتضى أن تكون غير واجبة في الزائد عليها .
والثاني : أن الشاة في خمس والوقص الزائد عليها دون خمس ، وروي عن النبي ( ص ) أنه قال في فرائض الغنم في مائتين وواحدة ثلاث شياه ، وليس فيما دون المائة شيء ، وهذا نص صريح ولأنه وقص قصر عن النصاب فوجب أن لا تتعلق به الزكاة كالأربعة ، ولأنه لو تعلق به الوجوب لكان له تأثير في الزيادة فلما لم يكن له تأثير في الزيادة لم يكن تعلق بالوجوب ، ووجه قوله الأول وهو اختيار أبي العباس ، رواية أنس أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ في أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم في كل خمس شاة ‘ فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض وفيه دلالة من وجهين :
أحدهما : قوله ( ص ) : في أربعة وعشرين من الإبل فما دونها الغنم في كل خمس شاة ، فإذا وجبت الغنم في الأربعة والعشرين كلها فوجب أن لا يختلف الإيجاب ببعضها .
والثاني : قوله ( ص ) فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض ، فذكر النصاب والوقص ، وأضاف الفريضة الواجبة إليهما ، ولأنها زيادة من جنس ماله الذي يجزي في حكم حوله فوجب أن تكون الزكاة في جميعه كالخامس والعاشر ، ولأن تعلق الحكم بمقدار معلوم لا يمنع الزيادة عليه من تعلق الحكم به ، وبالزيادة معها ألا ترى أن المحرم لو حلق ثلاث شعرات وجب عليه دم ، ولو حلق جميع رأسه وجب عليه ذلك الدم ، ولو سرق ربع دينار قطع ، ولو سرق ألف دينار قطع ذلك القطع ، ولم يجز أن يقال إن القطع وجب في ربع دينار دون الزيادة لعدم تأثيرها ، ولأن الدم وجب في ثلاث شعرات دون ما زاد عليها ، كذلك الوقص الزائد يتعلق به الوجوب ، وإن لم يكن له في الزيادة تأثير .
فإذا تقرر توجيه القولين ، انتقل الكلام إلى التفريع عليهما وعلى اختلاف قوله في إمكان الأداء هل هو من شرائط الوجوب أو من شرائط الضمان ؟ لأنهما أصلان متفقان ، وفي كل أصل منهما قولان ، وليس لهذين القولين تأثير مع بقاء المال وسلامته ، وإنما تأثيرهما مع تلف المال وعطيه ، وليس يخلو حال تلفه من أحد أمرين إما أن يكون قبل الحول أو بعده ،