پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص82

أراد بذلك جملتها من الزيادة والمزيد عليه أن يكون في كل أربعين منها بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة ، فالجواب أن هذا التأويل يبطل من وجهين :

أحدهما : انعقاد الإجماع بخلافه ، لأنه يقتضي أن يكون في مائة وستين حقتان وبنت لبون ، فالحقتان في مائة وعشرين ، وبنت اللبون في الأربعين الزائدة ، وفي المائة وسبعين ثلاث حقاق ، وهذا قول قد أجمع المسلمون على خلافه ، فكان التأويل المؤدي إليه باطلاً بالإجماع .

والثاني : أن قوله ( ص ) ‘ فإذا زادت ‘ شرط ، وقوله ( ص ) ‘ ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة ‘ حكم والحكم راجع إلى الجملة عند وجود الشرط ، وليس له اختصاص ببعضها دون بعض ، ومما يؤيد ما ذكرناه رواية يونس بن يزيد وسفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ فإذا زادت الإبل على المائة وعشرين واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ‘ فكان هذا نصاً يبطل كل تأويل ، ومما يدل على ذلك من طريق القياس ، هو أن الشاة أحد طرفي الإيجاب في الإبل قبل المائة ، فوجب أن لا تكون بعد المائة كالجذعة ، ولأن بنت مخاض سن لا يتكرر قبل المائة فوجب أن لا يعود بعد المائة كالجذعة ، فثبت بهذين القياسين انتفاء وجوب الشاة وبنت المخاض بعد المائة ، ثم نقول بابتداء لما ذكرنا ، ولأنها نصب مختلفة الترتيب في استفتاح الفريضة ، فوجب أن لا يعود ترتيبها الأول فيما بعد كالغنم ، ولأنا وجدنا النصب التي قبل المائة اقرب إلى فرض الغنم من النصب التي بعد المائة ، فلما لم تعد الشاة إلى النصب التي هي أقرب إليها ، فالتي لا تعود إلى النصب التي هي أبعد منها أولى ، فأما الجواب على ما استدلوا به من الخبر فمن وجهين :

أحدهما : ترجيح .

والثاني : استعمال ، فأما الترجيح بينهما وبين ما روينا من الأخبار ، فمن أربعة أوجه :

أحدها : أن ما رويناه أصح إسناداً ، وأوثق رجالاً .

والثاني : أن به عمل الإمامان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما .

والثالث : أن خبرنا متفق على استعمال بعضه ، فالمتفق على ما استعمل منه فيما دون المائة والعشرين ، والمختلف منه فيما زاد على ذلك ، وغيرهم متفق على ترك بعضه ، مختلف في استعمال بعضه ، فما اتفق على تركه منه : إيجاب خمس شياه ، وما اختلف في استعماله منه فما زاد على المائة وعشرين .