پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص76

والثاني : أن حديث أنس وابن عمر عمل عليه إمامان ، أبو بكر وعمر كرم الله وجهيهما ، ولم يعملا على رواية علي عليه السلام وابن حزم أحد من الأئمة .

والثالث : أن في حديث علي عليه السلام ما اتفق على تركه ، وهو في خمس وعشرين : خمس شياه ، وحديث أنس وابن عمر مجمع على العمل به .

فإن قيل : لما خص رسول الله ( ص ) الزكاة بأن كتبها في صحيفة دون سائرها من الفروض ، من الصلاة ومواقيتها ، والصيام وأحكامه ، والحج ومناسكه ، ولا اقتصر على القول كما اقتصر على القول في غيره .

قيل : يحتمل أن يكون فعل ذلك ، لأن الزكاة ونصبها ، ومقاديرها ، الواجب فيها وأسنان المأخوذ منها ، لما طال وصعب احتاج إليه بعض الناس ، دون سائرهم ، في كل عام مرة ، بخلاف الفروض المترادفة على الكافة ، أودع ذلك كتاباً ليكون أحفظ له ، وأضبط ، فكانت نسخة ذلك في قراب سيف رسول الله ( ص ) فلمّا قبض رسول الله ( ص ) وقام بالأمر بعده ، أبو بكر رضي الله عنه ، أخذها من قراب سيفه فكان يعمل عليها مدة حياته ، ثم مات رضي الله عنه ، فعمل بها عمر رضي الله عنه مدة حياته .

فصل

أول ما ابتدأ به رسول الله ( ص ) في نسخته أن كتب ‘ بسم الله الرحمن الرحيم ‘ فدل ذلك على إثبات التسمية في ابتداء الكتب ، ودل على نسخ ما كانت عليه الجاهلية ، من قولهم باسمك اللهم ، ودل على أن الابتداء بحمد الله تعالى ليس بواجب في ابتداء الكتب ، وأن معنى قوله ( ص ) ‘ كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد الله تعالى فهو أبتر ‘ يريد لمن يبدأ فيه بحمد الله سبحانه ، ثم قال هذه فريضة الصدقة ، فبدأ بإشارة التأنيث ، لأنه عطف عليها مؤنثاً ، وقوله فريضة ، يعني نسخة فريضة الصدقة ، فحذف ذكر النسخة وأقام الفريضة مقامها ، فدل ذلك على أن اسم الصدقة والزكاة واحد ، بخلاف ما ذهب إليه أبو حنيفة ثم قال : التي فرضها رسول الله ( ص ) على المسلمين ، يعني : التي قدرها رسول الله ( ص ) ، كما يقال فرض القاضي النفقة أي قدرها ، بدليل قوله ( ص ) فيما بعد ذلك ، التي أمر الله سبحانه بها ، فكان في ذلك بيان واضح على أن الله سبحانه أوجبها ، ورسول الله ( ص ) قدرها ، ثم أكد ذلك ما روي عن ضمام بن ثعلبة أنه قام فقال يا رسول الله الله أمرك أن تأخذ الصدقة من أغنيائنا فتردها في فقرائنا ؟ فقال : الله أمرني بذلك وقوله على المسلمين ، دل على أن الكفار لا زكاة عليهم ، ثم قال ( ص ) : فمن يسألها فليعطها ، يريد من سألكم الزكاة من الولاة على الوجه الذي أثبته ، وكان عدلاً ، فأعطوه ثم قال ( ص ) : ‘ ومن سئل فوقها فلا يعطه ‘ يريد من