پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص72

وَالمَحْرُومِ ) ( الذاريات : 19 ) وقوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) ( التوبة : 103 ) فقوله تعالى خذ صريح في الأخذ ، وتنبيه على الوجوب ، وقوله تعالى : ( وَفِي أمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ) ( المعارج : 24 ) صريح في الوجوب ، وتنبيه على الأخذ ، وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ( التوبة : 34 ) والكنز من الأموال ما لم تؤد زكاته ، سواء كان مدفوناً أو ظاهراً ، وما أدى زكاته فليس بكنز ، سواء كان مدفوناً أو ظاهراً هكذا قال الشافعي ، وقد اعترض عليه في هذا التأويل ابن جرير الطبري ، وابن داود الأصبهاني ، فأما ابن داود فقال : الكنز في اللغة هو المال المدفون ، سواء أديت زكاته أم لا ، وهو المراد بالآية .

وأما ابن جرير فقال : الكنز المحرم بالآية ، هو ما لم ينفق منه في سبيل الله سبحانه ، في الغزو والجهاد ، وكلا التأويلين غلط ، وما ذكره الشافعي أصح ، لأن الكتاب يشهد له ، / والسنة تدل عليه ، وقول الصحابة يعضده ، فأما ما يشهد من كتاب الله سبحانه ، فما ورد فيه من الوعيد بقوله تعالى : ( فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ( التوبة : 34 ) إلى قوله سبحانه : ( مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ) ( التوبة : 35 ) ولا يجوز أن يكون هذا الوعيد وارداً في حرز الأموال ودفنها ، كما قال ابن داود لإباحته ذلك ، ولا في إنفاقها في الغزو والجهاد ، وكما قال ابن جرير ، لأن فرضه لم يتعين ، وليس في الأموال حق يجب أداؤه إلا الزكاة فعلم أنه المراد بالآية .

وأما ما يدل عليه من السنة ، فما روى عطاء عن أم سلمة أنها قالت : يا رسول الله إن لي أوضاحاً من ذهب ، أكنزٌ هي ؟ فقال ( ص ) ‘ كل مالٍ بلغ الزكاة فزكي فليس بكنزٍ ، وما لم يزكه فهو كنزٌ ‘ .

وأما ما يعضده من قول الصحابة رضي الله عنهم ، فما روي عن ابن عمر أنه قال : كل مال لم تؤد زكاته فهو كنز وإن لم يدفن ، وكل مال أدّى زكاته فليس بكنز وإن دفن ، وروي عن أبي هريرة قال : أيما رجل لا يؤدي زكاة ماله جاء يوم القيامة شجاع أقرع ، يطلب صاحبه ، فيقول : أنا كنزك ، أنا كنزك ، وليس لهما في الصحابة مخالف ، فهذا الذي ذكرنا من الكتاب دال على وجوب الزكاة ، وإن كان ما ورد به الكتاب أكثر مما ذكرنا .

وأما الدلالة على وجوبها من طريق السنة : فما روى عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ بني الإسلام على خمسٍ ، شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصومِ شهر رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ‘ .