الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص71
أما الزكاة في اللغة فهي النماء والزيادة يقال : زكا المال إذا نما وزاد ، وزكا الزرع إذا زاد ربعه ويقال : رجل زاك ، إذا كان كثير الخير والمعروف ، قال الله تعالى : ( قَتَلْتَ نَفْساً زَاكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ ) ( الكهف : 74 ) أي نامية كثيرة الخير وقال الشاعر :
وقال الراجز المنقري :
غير أن الزكاة في الشرع ، اسم صريح لأخذ شيء مخصوص ، من مال مخصوص ، على أوصافه مخصوصة لطائفة مخصوصة وقال داود بن علي : الزكاة ، اسم ما عرف إلا بالشرع وليس له في اللغة أصل ، وهذا القول وإن كان فاسداً بما ذكرناه ، فليس الخلاف فيه مؤثراً في أحكام الزكاة .
فأما الكتاب فقوله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاّةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ ) ( البينة : 5 ) وقال تعالى : ( وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) ( النور : 56 ) واختلف أصحابنا في هذه الآية هل هي مجملة أم لا ؟ فقال أبو إسحاق مجملة ، لأن الزكاة لا تجب إلا في مال مخصوص إذا بلغ قدراً مخصوصاً ، والآية لا تتضمن شيئاً من هذا ، فعلم أنها مجملة ، وبيانها مأخوذ من جهة السنة ، إلا أنها تقتضي الوجوب ، وقال عدة من أصحابنا ليست مجملة ، وذلك أن كل ما يتناوله اسم الزكاة فلأنه يقتضي وجوبه ، فإذا أخرج من المال ما يقع عليه اسم الزكاة فقد امتثل الأمر ، والزيادة عليه مأخوذة من السنة ، ويدل على وجوب الزكاة أيضاً قوله تعالى : ( وَفِي أمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ