پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص69

فأما رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله ( ص ) أنه قال : إن الله ليعذب الميت ببكاء أهله عليه ‘ فقد ذكر ذلك ابن عباس لعائشة رضي الله عنها بعد موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت رحم الله عمر ، والله ما حدث رسول الله ( ص ) أن الله ليعذب الميت ببكاء أهله عليه ‘ حسبكم القرآن ‘ ( لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ( فاطر : 18 ) وكلا الحديثين يفتقر إلى تأويل ، وليس يمكن حمل واحد منهما على ظاهره ، فلأصحابنا ثلاثة تأويلات :

أحدها : ما روته عمرة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) اجتاز على قبر يهودي ، وأهله يبكون عليه ، فقال إنه ليبكى عليه ، وإنه ليعذب في قبره فقال ذلك إخباراً عن حاله .

والتأويل الثاني : أنه أراد بذلك ما يبكي به الجاهلي من حروبه ، وقتله ، وغاراته ، فيظنون أن ذكر ذلك رحمة له فيكون عذاباً عليه .

والتأويل الثالث : ذكره المزني : أنه وارد فيمن وصل بالبكاء ، فقد كانوا يفعلون ذلك وقال شاعر منهم :

( فإن مت فانعي بما أنا أهله
وشقي علي الجيب يا أم معبد )

فإذا عمل بذلك بعده كان زائداً في عذابه لقوله ( ص ) من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .

فصل

: يكره الوطء على القبر ، والاستناد إليه ، والجلوس عليه ، وإيقاد النار عنده لنهي رسول الله ( ص ) ، فإن كان لا بدّ له من المشي عليه ، خلع نعله من رجله ، ومشى ما أمكن ، وروي أن النبي ( ص ) كان يمشي بين القبور ، فرأى رجلاً يمشي بين المقابر بنعليه ، فقال : يا صاحب السبتين اخلع سبتيك قال : فنظر الرجل فإذا برسول الله ( ص ) فخعلهما فرمى بهما .

قال الشافعي : وأكره المبيت عند القبور لما في ذلك من الوحشة وإزعاج القلب .