الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص65
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وأحب تعزية أهل الميت رجاء الأجر بتعزيتهم وأن يخص بها خيارهم وضعفاؤهم عن احتمال مصيبتهم ويعزى المسلم بموت أبيه النصراني فيقول ‘ أعظم الله أجرك وأخلف عليك ‘ ويقول في تعزية النصراني لقرابته ‘ أخلف الله عليك ولا نقص عددك ‘ .
وهذا صحيح وإنما استحب التعزية إتباعاً للسنة والتماساً للأجر ، فقد روى جابر بن عبد الله عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ من عزى مصاباً فله مثل أجره ‘ .
وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لما مات رسول الله ( ص ) سمعنا هاتفاً في البيت يسمع صوته ، ولا يرى شخصه ، ألا إن في الله عزا عن كل مصيبة ، وخلفاً من كل هالك ، ودركاً من كل فائت ، فبالله ثقوا ، وعليه توكلوا ، فإن المصاب من حرم الثواب ، فقيل هذا الخضر جاء يعزي زوجات النبي ( ص ) .
فيستحب تعزية أهل البيت وقرابته ، ثلاثة أيام بعد موته ، ومن شيع الجنازة وأراد الانصراف قبل الدفن عزى وانصرف ، ومن صبر حتى يدفن عزى بعد الفراغ من دفنه ، إلا أن يرى من أهله جزعاً شديداً وقلة صبر ، فتقدم تعزيتهم ، ليسلوا ، ويخص التعزية أقلهم صبراً وأشدهم جزعاً ، ويخص أكثرهم فضلاً وديناً ، أما القليل الصبر فليسلوا ، وأما الكثير الفضل ، فإنما يرجى من إجابة رده ودعائه .
فأما ألفاظ التعزية ، فإن كان المعزي مسلماً على مسلم قال : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاك ، وغفر لميتك ، وإن كان المعزي كافراً على كافر قال : أخلف الله عليك ، ولا نقص عددك ، ولم يذكر الميت بخير ولا شر ، أما الخير فإنه ليس من أهله ، وأما الشر فلقوله ( ص ) عد عن ذي قبر ، ولأنه يؤذي الحي .