الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص58
قد ذكرنا أن شروط الصلاة معتبرة في صلاة الجنازة ، وهي طهارة الأعضاء من حدث ونجس ، وستر العورة بلباس طاهر ، والوقوف على مكان طاهر ، واستقبال القبلة ، فمن أخل بشرط منها لم يكن مصلياً عليها ، فلو أن قوماً صلوا على جنازة ، وكلهم على غير طهارة لم تجزهم ، وأعادوا الصلاة عليه بطهارة كاملة ، وكذلك لو صلوا قعوداً أجمعين مع القدرة على القيام ، فإن كان بعضهم على طهارة وبعضهم على غير طهارة ، أو كان بعضهم قياماً وبعضهم قعوداً ، فإن كان القائم والمتطهر منهم ثلاثة وأكثر أجزأ ولم يحتج إلى إعادة الصلاة ، لوقوع الكفاية بهم ، وإن كان القائم المتطهر واحداً أو اثنين ، لم يجزهم وأعادوا الصلاة عليه لأن الكفاية لا تقع بأقل من ثلاثة إذا وجدوا .
قال الماوردي : وهو قول مالك وأبي يوسف .
وقال أبو حنيفة ومحمد : ينتظر تكبيرة الإحرام ولا يكبر قبله ، فإذا كبر الإمام كبر معه فإذا سلم الإمام ، قضى ما فاته ، احتجاجاً بأن تكبيرات الجنازة جارية مجرى ركعات الصلاة ، فلما كان الرجل إذا سبقه الإمام بركعة لم يجز أن يصليها ثم يدخل معه ، كذلك إذا فاته تكبيرة لم يجز أن يبدئها ثم يكبر معه .
والدلالة على ما قلنا : قوله ( ص ) ‘ ما أدركتم فصلوا ‘ ولا يمكنه أن يصلي ما أدرك معه إلا بتقديم التكبير ، ولأنه أدرك جزءاً مع الإمام بتقدم التكبير ، فجاز أن يأتي به كما يأتي بالتكبير قياساً على سائر الصلوات .
فأما ما احتج به أبو حنيفة فلا يصح لأنه يؤدي إلى أن يلزم المأموم أن يكون تكبيره مقارناً لتكبير الإمام ، وقد أجمعوا على أنه لو كبر بعد تكبيرة الإمام جاز ، وإذا جاز جاز لمن أتى بعده .
فإذا تقرر أن يكبر ولا ينتظر تكبيرة الإحرام ، فإن كان الإمام قد سبقه بتكبيرة واحدة افتتح الصلاة وقرأ الفاتحة ، فإن أدرك قراءة جميعها قبل التكبيرة الثانية فذلك جائز ، وإن قرأ