الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص37
أحدٍ فرأى رسول الله ( ص ) الملائكة تغسله فبعث إلى أهله فسأل عن شأنه فقالوا لا علم لنا به غير أنه كان واقع أهله ثم خرج إلى الحرب جنباً ‘ فلما غسلته الملائكة والملائكة لا تغسله إلا عن أمر الله سبحانه دل على أن غسله مأمور به ، ولأنه لزمه غسل جميع بدنه في حال حياته فوجب أن لا يسقط بالقتل ، كما إذا كان على جميع بدنه نجاسة ثم قتل شهيداً .
ومن قال لا يجب غسله استدل بأنها طهارة عن حدث فوجب أن تسقط بالقتل كالطهارة الصغرى ، ولأن الحي الجنب إنما يغسل لأن يصلي والميت إنما يغسل لأن يصلى عليه ، وإذا كان هذا القتيل الجنب لا يصلى عليه فلا معنى لغسله ، فأما إزالة النجاسة من بدنه فإن كانت من جهة الشهادة لم يجب إزالتها ، وإن كانت من غير جهة الشهادة كالبول والخمر وجب إزالتها ، والفرق بينها وبين الجنابة أنه لما وجب إزالة قليل النجاسة وجب إزالة كثيرها ، ولما لم يجب إزالة الحدث الأصغر لم يجب إزالة الأكبر .
إما أن يكون باغياً أو عادلاً ، فإن كان باغياً غسل وصلى عليه ، وقال أبو حنيفة : لا يغسل ولا يصلى عليه استهانة به ، لأنه باين جميع المسلمين بفعله فوجب أن لا يغسل ولا يصلى عليه كالحربي .
والدلالة على وجوب غسله والصلاة عليه ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ صلوا على من قال لا إله إلا الله وخلف من قال لا إله إلا الله ‘ وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تكفروا أحداً من أهل ملتكم وإن عملوا الكبائر وجاهدوا مع كل أميرٍ ، وصلوا على كل ميتٍ ‘ ولأنه مسلم مقتول فوجب أن يغسل ويصلى عليه ك ‘ الزاني ‘ المحصن ، والقاتل العامد ، ولأن الصلاة استغفار ورحمة والباغي إليها أحوج فأما قياسهم على أهل الحرب فغلط لوقوع الفرق بينهما .