الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص32
أحدهما : حكاه ابن أبي هريرة تخريجاً عن الشافعي من القديم أنه يغسل ويصلى عليه ، لأنه قد ثبت له حكم الحياة قبل وضعه فصار كثبوت الحياة له بعد وضعه .
والقول الثاني : وهو الصحيح نص عليه الشافعي في القديم والجديد أنه لا يصلى عليه ، لأنه لما لم تجر عليه أحكام الحياة في الصلاة ، فعلى هذا هل يجب غسله أم لا ؟ على وجهين :
وقال أبو حنيفة يصلي على أكثره ولا يصلي على أقله ، والاعتبار بالرأس قياساً على ما قطع من أعضاء الحي .
والدلالة على ما قلنا أن طائراً ألقى يداً بمكة من وقعة الجمل ، فعرفت بالخاتم ، فصلى عليه الناس ، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، وروي أن أبا عبيدة بن الجراح صلى على رؤوس القتلى بالشام ، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى على عظام بالشام ، وليس لمن ذكرنا مخالف فثبت أن إجماع ، فأما العضو المقطوع من الإنسان فقد اختلف أصحابنا في وجوب غسله والصلاة عليه على وجهين .
أحدهما : يغسل ويصلى عليه كالعضو المقطوع من الميت والوجه الثاني : لا يغسل ولا يصلى عليه ، وهو أصح .
والفرق بينهما : أن عضو الحي إنما لم يصل عليه لأنه لا يصلى على جملته الباقية ، ولما صلى على الميت صلى على بعضه ، فإذا ثبت أنه يصلي على ما وجد من أعضاء الميت وأبعاضه فقد اختلف أصحابنا هل ينوي الصلاة جملة الميت أو ما وجد منه ؟ على وجهين :
أحدهما : ينوي بالصلاة ما وجد من أعضائه لا غير بعد غسل العضو وتكفينه ، فإن لم يكفنه جاز ، إلا أن يكون العضو من عورة الميت فلا بد من تكفينه ودفنه بعد الصلاة عليه .
والوجه الثاني : أنه ينوي بالصلاة جملة الميت ؛ لأن حرمة العضو لزمته لحرمة جملته ، إلا أن يعلم أن جملة الميت قد صلى عليه ، فيخص بالصلاة العضو الموجود وجهاً واحداً والله أعلم .