پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص30

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا مات رجل وترك ما لا يضيق عن قضاء دينه فاختلف الورثة والغرماء في كفنه ومؤونة دفنه فلا يخلو حال اختلافهم من أحد أمرين .

إما أن يكون في صفة الأكفان أو في عددها ، فإن كان في صفة الأكفان فدعا الورثة إلى تكفينه بأرفع الثياب وأعلاها كالسرب والديبقي ، ودعا الغرماء إلى تكفينه بأدون الثياب كالناف وغليظ البصري ، فينبغي للحاكم أن يلزم الفريقين التعارف لمثل الميت في مثل حاله من يساره وإعساره وسطاً لا ما دعا إليه السرف ، ولا ما صنع منه الشحيح قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ) ( الفرقان : 67 ) وقال تعالى : ( وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كَلَّ البَسْطِ ) ( الإسراء : 29 ) فذم الحالين ، ومدح التوسط بينهما .

وإن اختلفوا في عدد الأكفان فقال الورثة نكفنه في ثلاثة أثواب وقال الغرماء ما نكفنه إلا في ثوب واحد ، ففيه وجهان :

أحدهما : يصار إلى قول الغرماء ويكفن في ثوب واحد لا يزاد عليه ، لأنه القدر الواجب وما زاد عليه تطوع ، وللغرماء منع الورثة من إخراج المال في التطوع .

والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي يصار إلى قول الورثة ويكفن في ثلاثة أثواب لا ينقص منها إتباعاً للسنة ورجوعاً إلى ما جرت به العادة ، ولأنه لو كان حياً مفلساً لقدم ثلاثة أثواب على الغرماء ، فكذلك يقدم بها ميتاً ، ولو قال الورثة في خمسة أثواب وقال الغرماء في ثلاثة أثواب فالقول قول الغرماء لا يختلف ، ولو قال الوارث في ثوب واحد وقال الغرماء في خرقة تستر عورته فالقول قول الورثة لا يختلف ، فأما الحنوط فقد اختلف أصحابنا في وجوبه على وجهين :

أحدهما : واجب كالكفن ، فعلى هذا ليس للغرماء أن يمنعوا منه .

والثاني : أنه غير واجب ، لأن طيب الحي غير واجب فكذلك طيب الميت فعلى هذا للغرماء أن يمنعوا منه .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ويغسل السقط ويصلى عليه إن استهل وإن لم يستهل غسل وكفن ودفن والخرقة التي تواريه لفافة تكفينه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال لا يخلو حال السقط من أحد أمرين :

إما أن يستهل صارخاً أو يسقط ميتاً ، فإن استهل صارخاً غسل وكفن وصلى عليه ودفن ، وبه قال كافة الفقهاء وقال سعيد بن جبير لا يصلى عليه ، لأن رسول الله ( ص ) لم يصل