الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص25
أحكم في عمارة وأبعد في بلي أكفانه ، فإن كان في اللحد فرج سدوها بقطع اللبن ، ثم يهال عليه التراب ، والإهالة أن يطرح من على شقه الأيمن التراب بيديه جميعاً ، ويستحب أن يفعل ذلك ثلاثاً ، لرواية جعفر بن محمد بن علي ‘ أن رسول الله ( ص ) أهال على قبر ميتٍ بكفيه ثلاثاً ‘ ثم يهال عليه بالمساحي ، لأن ذلك أسرع في عمله .
قال الشافعي ولا أحب أن يزاد في القبر أكثر من ترابه ، لأن لا يعلو جداً ، ويختار أن يرفع القبر عن الأرض قدر شبر أو نحوه ليعلم أن قبر ، فيترحم عليه ، ولأن لا ينساه من يجهل أمره .
فصل
: المختار من مذهب الشافعي أن تسطح القبور ولا تسنم ، والمختار عند أبي حنيفة أن تسنم ولا تسطح ، واختيار الشافعي أولى ، لأن رسول الله ( ص ) سطح قبر ابنه إبراهيم عليه السلام ، وروي ‘ أن النبي ( ص ) قبر عثمان بن مظعون فسطح قبره ‘ وروي عن القاسم بن محمد قال : ‘ دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت لها : يا أمه اكشفي عن قبر رسول الله ( ص ) فكشفت فرأيت قبره ( ص ) وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما مسطحة .
فصل
: فإذا سطح القبر وفرغ منه فينبغي له أن يرش عليه الماء لأن رسول الله ( ص ) رش على قبر ابنه إبراهيم عليه السلام الماء ، ولأن في ذلك نقاء ، ولا يبركه الماء ، وإن الله سبحانه يبرد عليه مضجعه ، ولأن ذلك أحفظ للقبر وأبقى لأثره ثم يوضع على القبر حصاً ، وهو الحصا الصغار ، لأن رسول الله ( ص ) وضع على قبر ابنه إبراهيم عليه السلام من حصباء العرصة ، ثم يوضع عند رأس الميت صخرة أو علامة يعرف بها ، وعند رجليه أيضاً مثل ذلك ؛ لأن رسول الله ( ص ) لما قبر عثمان بن مظعون وضع عند قبره حجرين أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال : أجعل لقبر أخي علامة أدفن عنده من مات من أهله ‘ .
فصل
: قال الشافعي وأحب أن يكون الدفن في الصحراء لا في البيوت والمساكن ، لأنه أقرب إلى رحمة الله تعالى لكثرة الداعي له إذا درس قبره ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ اللهم اغفر لأهل القبور الدارسة ‘ ويختار لمن مر بالقبور أن يدعو لأهلها بالرحمة ، ويسلم