پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص18

فصل

: يجوز للسيد أن يغسل أم ولده إذا ماتت ، وكذلك أمته ومدبرته ، لأن حكم الرق في جميعهم باق ، ألا ترى أنه يلزمه موؤنة دفنهم بعد الوفاة كما كان يلزمه الإنفاق عليهم في الحياة ، فإن مات السيد لم يكن لأمته ولا لمدبرته ولا لأم ولده أن تغسله ، أما الأمة فلأنها صارت ملكاً لورثته ، وأما المدبرة وأم الولد فلزوال الرق عنهما ، وارتفاع العصبة بين السيد وبينهما .

فإن قيل : فالنكاح يرتفع بالموت كما أن الرق يرتفع بالموت ثم لم يكن ارتفاع النكاح مانعاً من جواز الغسل ، كذلك أيضاً لا يكون ارتفاع الرق مانعاً من جواز الغسل ؟ قلنا وجود النكاح موجب للاستباحة ، فإذا اتصلت الاستباحة بالموت جاز أن يبقى لها حكم بعد الموت ، وليس دوام الولده المدبرة موجب لاستباحتها ، لأنه قد يجوز أن يكون الرق فيها موجوداً وهما في إباحة زوج ، فضعف الرق عن معنى النكاح ولم يلحق به في بقاء الاستباحة بعد الموت .

فصل

: فأما الخنثى المشكل فقد حكي عن أبي عبد الله الزبيري من أصحابنا أن الواجب فيه التيمم دون الغسل ، وهو قول أهل العراق ، ولأن الوجه واليدين ليس بعورة في الرجال ولا في النساء فجاز لكلي الفريقين النظر إليه ، ولم يجز لها النظر إلى جسده ، لأنه قد يكون رجلاً فيحرم على النساء ، وقد يكون امرأة فيحرم على الرجال .

وهذا غلط والواجب عليه لعموم قوله ( ص ) ‘ فرض على أمتي غسل موتاها ‘ ولو جاز أن يمنع من غسله لإشكال عورته لوجب أن يمنع بذلك من تيممه ، لأن التيمم في الوجه والذراعين ، وعورة المرأة في ذراعيها كعورتها في سائر جسدها ، وإنما الوجه والكفان ليس بعورة ، على أن ذلك ليس مباشرته بحرام كمباشرة سائر الجسد ، فكان التيمم في تحريم المباشرة مساوياً للغسل ، فإذا تساويا فاستعمال الغسل الواجب أولى ، فإذا ثبت أن غسل الخنثى واجب فالمستحب أن يغسل في قميص ، ويكون موضع غسله مظلماً ، ويتولى غسله أوثق من يقدر عليه من الرجال والنساء .

فصل

: فأما المرأة إذا ماتت في موضع ليس به إلا الرجال الأجانب ففيه وجهان :

أحدهما : وهو قول المزني وكثير منهم ، تيمم ولا تغسل .

والوجه الثاني : تغسل في قميص ، ويلف على يده خرقة كي لا يمسها ، ويغض بصره وهذا أصحهما عندي . ولو كان الميت رجلاً في موضع ليس به إلا النساء الأجانب فقد نص الشافعي على أنهن يغسلنه ، ولا يجوز أن ييمم ، وهذا يؤيد إيجاب غسل المرأة .