الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص6
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ويفضي بالميت إلى مغتسله ، ويكون كالمنحدر قليلاً ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال أما غسل الموتى وتكفينهم والصلاة عليهم ودفنهم ففرض على كافة المسلمين ، والكل به مخاطبون ، فإذا قام به بعضهم سقط الفرض عن باقيهم ، وإن لم يقم البعض خرج الكل لأن فروض الكفايات وفروض الأعيان قد يشتركان في الابتداء ويفترقان في الفعل ، فما كان من فروض الكفايات لم يلزم الكل ، ويسقط عنهم بفعل البعض ، وما كان من فروض الأعيان يلزم الكل ، فإذا فعله البعض سقط من فاعله دون غيره .
والدلالة على إيجاب غسله ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ فرض على أمتي غسل موتاها والصلاة عليها ودفنها ‘ .
قال الشافعي : فلو أن رفقة في طريق من سفر فمات منهم ميت فلم يواروه نظر فإن كان ذلك في طريق آهل يخترقه الناس والمارة ، أو بقرب قرية أو حصن من المسلمين فإنهم قد أساءوا بتركهم الفضل ، وتضييع حق أخيهم ، وكان على ما يقرب منه من المسلمين أن يواروه ، وإن كانوا لم يواروه وتركوه في صحراء أو موضع لا يمر به أحد ولا يجتاز به أهل قرية فقد أثموا وعصوا الله تعالى ، وعلى السلطان أن يعاقبهم على ذلك لتضييعهم حق الله تعالى واستخفافهم بما يجب عليهم من حق أخيهم المسلم ، اللهم إلا أن يكونوا في مخافة من عدو ، ويخافون إن اشتغلوا بالميت أظلهم ، فالذي يختار أن يواروه ما أمكنهم ، فإن تركوه لم يحرجوا لأنه موضع ضرورة .