الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص4
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ما عاد مريضاً شيعه سبعون ألف ملكٍ إلى أن يعود ‘ .
وقد عاد رسول الله ( ص ) سعداً وجابراً وعاد غلاماً يهودياً .
ويستحب أن يعود لعيادته جميع المرضى ولا يخص بها قريباً من بعيد ولا صديقاً من عدو ، ليحرز بها ثواب جميعهم ، وينبغي أن تكون العيادة غباً ، ولا يواصلها في جميع الأيام لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أغبوا عيادة المريض أو أربعوا إلا أن يكون مغلوباً ‘ ويكره إطالة العيادة ، لما فيها من إضجار المريض ، فإن رأى في المريض إمارات الصحة وعلامات البرء دعاء له بتعجيل العافية ، لتقوى بذلك نفسه ، فقد عاد رسول الله ( ص ) سعداً ووعده بالعافية والعمر وإن الله سيفتح على يديه ، وإن رأى فيه علامات الموت ذكره الوصية ، وأمره بالتوبة ، وحثه على الخروج من المظالم بالرفق والكلام اللطيف ثم يعجل الانصراف فإذا قارب أن يقضي حضره أقوى أهله نفساً ، وأثبتهم عقلاً ، ولقنه الشهادتين من غير عنف ولا إضجار ، لما روى أبو هريرة وأبو سعيد الخدري عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله ‘ .
وروى معاذ بن جبل عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ من كان آخر كلامه قول لا إله إلا الله مخلصاً وجبت له الجنة ‘ ثم يوجهه نحو القبلة وفي كيفية توجهه وجهان :
أحدهما : أنه يلقى على ظهره وتكون رجلاه في القبلة .
والثاني : أن يضجع على شقه الأيمن مستقبلاً بوجهه القبلة ، فإذا مات تولى منه سبع خصال :
أولها : إغماض عينيه ، لما روي أن النبي ( ص ) ‘ أغمض عين ابن سلمة بن عبد الأسد وقال إن البصر يتبع الروح ‘ ولأن ذلك أحسن في كرامته وأبلغ في جمال عشرته ، ولأن لا يسرع إليها الفساد ، فقد قيل إنها آخر ما يخرج منه الروح وأول ما يسرع إليه الفساد .
والثاني : أن يطبق فاه ويشد لحيه الأسفل بعصابة عريضة ويربطها من فوق رأسه ، لأن لا يفتح فاه فيقبح في عين الناظر إليه ، ولأن لا يلج فيه شيء من الهوام .