الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص527
وأما الجواب عن الخبر الثاني وقوله ‘ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ‘ فأباح دمه بالكفر مع الإسلام ، ولا يكون ذلك إلا بترك الصلاة ، لأنه يكون مسلما وأحكام الكفر جارية عليه في إباحة الدم .
وأما الجواب عن قياسهم على الصوم والعيادات فالمعنى فيه : أن استيفاء ذلك ممكن منه ، واستيفاء الصلاة غير ممكن كالإيمان .
والدلالة على إسلامه أن الشرع يشتمل على أوامر ونواهي ، فلما لم يكفر بفعل ما نهي عنه إذا كان معتقدا لتحريمه ، لم يكفر بترك ما أمر به إذا كان معتقدا لوجوبه ، ولأنه لو كان كافرا بتركها لكان مسلما بفعلها ، فلما لم يكن مسلما بفعلها لم يكن كافرا بتركها .
فأما الجوال عن قوله ( ص ) ‘ فمن تركها فقد كفر ‘ ففيه جوابان :
أحدهما : أنه قال ذلك على طريق الزجر ، كما قال : ‘ لا إيمان لمن لا أمانة له ‘ .
والثاني : أنه أراد بذلك أن حكمه حكم الكفار في إباحة الدم .
أحدهما : في زمان وجوبه .
والثاني : في صفة قتله .
فأما اختلافهم في زمان وجوبه فعلى وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي وأصحابنا : أن قتله يجب إذا ترك صلاة واحدة ودخل وقت الأخرى وضاق حتى لم يمكن إيقاع غيرها فيه .
والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الأصطخري أن قتله يجب إذا ترك ثلاث صلوات ودخل وقت الرابعة ، وضاق حتى لم يمكن إيقاع غيرها فيه ، فإذا ثبت هذان الوجهان فهل يقتل لما فات أم لصلاة الوقت إذا ضاق وقتها ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول بعض أصحابنا ، يقتل لما فات ، فعلى هذا إن نسي صلوات ثم ذكرها فامتنع من فعلها قتل .
والوجه الثاني : أنه يقتل لصلاة الوقت إذا ضاق يعلم فواتها ، استدلالا بما ترك من الصلوات وعلى هذا إن نسي صلوات فوائت ثم ذكرها فامتنع من فعلها لم يقتل .