الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص526
والدلالة على إباحة دمه قوله تعالى : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [ التوبة : 5 ] إلى قوله تعالى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) [ التوبة : 5 ] فأمر بقتلهم ثم استثنى منهم من جمع شرطين : التوبة ، وإقامة الصلاة ، فعلم أن من أتى بأحدهما وهو التوبة دون الصلاة كان الأمر بقتله باقيا .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ألا إني نهيت عن قتل المصلين ‘ فلما كان فعلها سببا لحقن دمه كان تركها سببا لإراقته ‘ ، ولأنها أحد أركان الإسلام الذي لا يدخله النيابة ببدل ولا مال ، فوجب أن يقتل بتركها كالإيمان ، ولأن الصلاة والإيمان يشتركان في الاسم والمعنى ، فأما اشتراكهما في الاسم فهو أن الصلاة تسمى إيمانا قال الله تعالى : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) [ البقرة : 143 ] يعني : صلاتكم ، وأما اشتراكهما في المعنى فمن وجهين :
أحدهما : أن من لزمه الإيمان لزمه فعل الصلاة ، وقد لا يلزمه الصيام إذا كان شيخا هما ، ومن لم يلزمه فعل الصلاة لم يلزمه الإيمان كالصبي والمجنون .
والثاني : أن من هيئات الصلاة ما لا يقع إلا طاعة لله سبحانه كالإيمان الذي لا يقع إلا لله عز وجل ، فلما وجب اشتراكهما في الاسم والمعنى وجب اشتراكهما في الحكم ، ولأن الشرع يشتمل على أوامر ونواهي ، فلما قتل بفعل ما نهي عنه وإن كان معتقدا لتحريمه اقتضى أن يقتل بترك ما أمر به وإن كان معتقدا لوجوبه .
فأما الجواب عن الخبر الأول فقد قال ( ص ) فيه ‘ إلا بحقها ‘ والصلاة من حقها ، كما قال أبو بكر رضي الله عنه في مانعي الزكاة .