الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص524
قال الشافعي : وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل : ‘ أتدرون ما قال ربكم عز وجل ؟ ‘ قال الله ورسوله أعلم ، قال : يقول : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بالكواكب ، ومؤمن بالكواكب وكافر بي ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله عز وجل ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب ، ومن قال مطرنا بنوء كذا في دركم مؤمن بالكواكب وكافر بي ‘ .
قال الشافعي : معناه على ما كانت الجاهلية تعتقد أن النوء هو المطر فكانوا كفارا بذلك ، والنوء : هو النجم الذي يسقط في المغرب ويطلع مكانه في المشرق ، فعلى هذا إذا قال : العبد مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله تعالى ، لأنه لا يمطر ولا يفعل إلا بالله سبحانه ، وأما من قال مطرنا ينوء كذا على ما كان أهل الشرك يعتقدونه من إضافة المطر إليه وأنه هو الماطر فهذا كافر ، كما قال رسول الله ( ص ) لأن النوء وقت أو نجم ، وهو مخلوق لا يملك لنفسه ولا غيره شيئا من ضرر أو نفع فأما من قال مطرنا بنوء كذا يعني : أنا مطرنا في وقت نوء كذا ، فإن ذلك لا يكون كفرا ، كقوله مطرنا في شهر كذا ، لأن الله تعالى قد جعل العادة أن يمطر في هذه الأوقات ، كما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : إذا أنشأت نجدية ثم استحالت شامية فذلك عين عذيقة ‘ يعني فيما أجراه الله تعالى من العادة .
وروي عن ابن عباس – رضي الله عنه – أنه أمر جاريته بإخراج رحلة إلى المطر ، وقال : إنه حديث عهد بربه عز وجل .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ توقعوا الإجابة عند التقاء الجيوش ، وإقامة الصلاة ، ونزول الغيث ، وكان السلف يكرهون الإشارة إلى الرعد ، ويقولون عند ذاك لا إله إلا الله وحده سبوح قدوس ، فيختار الاقتداء بهم في ذلك ، والله أعلم .