پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص516

الدعوة ، وقله ذنوبهم ، وروي أن موسى عليه السلام خرج يستسقي لقومه فما أسقى ، فقال من أذنب ذنبا فليرجع فانصرفوا كلهم ، إلا رجلا واحدا ، فالتفت فرآه أعور ، فقال أما سمعت قولي ، قال قد سمعت وإنه لا ذنب لي إلا واحد ، نظرت إلى امرأة فقلعت عيني هذه ، فاستسقى به فسقي .

( فصل )

: قال الشافعي – رضي الله عنه – ‘ ولا آمر بإخراج البهائم إلى الصحراء للاستسقاء ولم يأمر به ولم ينه عنه ، قال أبو إبراهيم : إخراجهم أولى من تركهم ، وإن لم ترد السنة بإخراجهم ، لأنهم ممن يتأذى بالجدب فكانوا كغيرهم ، وقد روي أن سليمان بن داود عليه السلام خرج يستسقي ، فرأى نملة قد وقعت على ظهرها ، فرفعت يدها وهو تقول اللهم نحن من خلقك فارزقنا أو أهلكنا ، فسقوا فقال للقوم ارجعوا فقد كفيتم بغيركم .

وقال سائر أصحابنا الأولى ترك البهائم ، وإخراجها مكروه ، لما فيه من تعذيبهم ، واشتغال الناس بأصواتهم ، وأنهم من غير أهل التكليف .

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وأكره إخراج من يخالف الإسلام للاستسقاء في موضع مستسقى المسلمين وأمنعهم من ذلك وإن خرجوا متميزين لم أمنعهم من ذلك ‘ .

قال الماوردي : وإنما كرهنا إخراج أهل الذمة معنا لقوله تعالى : ( يا أيها الذي آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ( المائدة : 51 ) وفي إخراجهم معنا رضى به وتولي لهم ، ولأن الكفار عصاة لا يرجى لهم إجابة دعوتهم ، وربما ردت دعوة المسلمين بمخالطتهم والسكون إليهم ، فإن خرجوا إلى بيعهم وكنائسهم لم يمنعوا ، لأن ذلك طلب رزق ورجاء فضل ، وما عند الله واسع .

قال الشافعي لكن ينبغي للإمام أن يحرص على أن يكون خروجهم في يوم غير اليوم الذي يخرج فيه المسلمون ، لأن لا تقع بينهم المساواة والمضاهاة في ذلك ، فإن خرجوا فيه فمن أصحابنا من منعهم ومنهم من تركهم .

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ويأمر الإمام الناس قبل ذلك أن يصوموا ثلاثا ويخرجوا من المظالم ويتقربوا إلى الله عز وجل بما استطاعوا من خير ويخرج بهم في اليوم الرابع إلى أوسع ما يجد ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال يستحب للإمام إذا أراد الاستسقاء أن يأمر الناس أن يصوموا ثلاثا ويخرجوا في اليوم الرابع إما صياما وهو أولى ، وإما مفطرين لأن الصوم أفضل