الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص512
قال الشافعي : ‘ فإن اجتمع أمران فخاف فوات أحدهما ، بدأ بالذي يخاف فوته ثم رجع إلى الآخر ‘ وقد ذكرنا ذلك فيما مضى وقد ذكرنا أنه لو اقتصر في صلاة الخسوف على فاتحة الكتاب وحدها أجزأه .
وصلاة الخسوف سنة في الحضر والسفر للحر والعبد ، والرجال دون النساء في جماعة وفرادى ، لتعلقها بآية عامة يشترك فيها الكافة ، فإن صلاها النساء فلا بأس ، وإن صلاها الرجال فرادى لم يخطب بعدها ، لأن الخطبة للغير ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، ليس من السنة أن يصلي لشيء من الآيات سوى خسوف الشمس وكسوف القمر ، فأما الزلازل والرياح والصواعق وانقضاض الكواكب فلا يصلي لشيء منه ، كصلاة الخسوف في جماعة لا فرادى .
وقال ابن مسعود ويصلي جماعة في كل آية ، وبه قال أحمد وإسحاق ، وقال أهل العراق يصلي فرادى .
ومذهبنا أصح ، لأنه قد كان على عهد رسول الله ( ص ) آيات ، منها انشقاق القمر ، والزلازل والرياح والصواعق ، فلم يصل لشيء منها ، وصلى للخسوف . وروى ابن عباس أن رسول الله ( ص ) كانت إذا هبت ريح عاصف اصفر لونه ‘ وقال اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا ‘ وإنما قال ذلك ، لأن الله تعالى جعل الرياح رحمة والريح نقمة ، وقال تعالى : ( ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات ) ( الروم : 46 ) فكانت رحمة ، وقال تعالى ( فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ) ( الأحزاب : 9 ) فكانت نقمة ، فإن تنفل الناس بالصلاة لهذه الآيات جاز ، فإن الصلاة خير موضوع ، وقد ذكر الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين أنه روي عن علي عليه السلام أنه صلى جماعة في زلزلة .
فقال الشافعي فإن صح قلت به ، فمن أصحابنا من قال إن صح عن النبي ( ص ) قلنا به ، وإلى وقتنا هذا لم يصح ، ومنهم من قال إن صح عن علي رضي الله عنه قلنا به ، فمن قال بهذا اختلفوا على مذهبين :
أحدهما : إن صح قلنا به في الزلزلة .
والثاني : إن صح قلنا به في سائر الآيات .