الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص511
لها حتى تجلت سقطت الصلاة لها لفقد الصفة الموجبة لها ، فإن تجلى عن بعضها وبقي بعضها صلى لما بقي ، لوجود السبب الموجب لها ، وأما كسوف القمر إذا لم يصل له حتى غاب كاسفا فله ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يغيب كاسفا قبل طلوع الفجر ، فهذا يصلي لبقاء سلطان الليل ، لأن الاعتبار ببقاء الوقت لا ببقاء الطلوع ، ألا ترى أنه لو بقي خاسفا حتى طلعت الشمس لم يصل له لفوات وقته ، وإن كان الخسوف موجودا .
والثاني : أنه لا يصلي له حتى تطلع الشمس ، فقد سقطت الصلاة لفوات الوقت بذهاب نور القمر ، سواء كان القمر طالعا أو غائبا .
والثالث : أن لا يصلي له حتى يغيب كاسفا بعد الفجر وقبل طلوع الشمس ففيه قولان :
أحدهما : وبه قال في القديم لا يصلي له ، لأن القمر آية الليل كما أن الشمس آية النهار ، قال الله تعالى : ( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ) [ الإسراء : 12 ] فلما لم يصل لخسوف الشمس إذا تقضي النهار ، لم يصل لخسوف القمر إذا تقضى الليل .
والقول الثاني : وهو أصح أنه يصلي له ما لم تطلع الشمس ، لبقاء سلطانه والانتفاع بضوئه ، وخالف الشمس الذي يذهب ضوءها بدخول الليل ، فلو لم يغب القمر حتى طلع الفجر وهو على كسوفه ففي الصلاة له قولان أيضا ، كما لو غاب خاسفا ، فلو أحرم بصلاة الخسوف فتجلى قبل إتمام الصلاة ، أو طلعت الشمس فإنه يتمم الصلاة ولا تبطل بفوات الوقت .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا تيقن الخسوف ثم جلله سحاب أو حال دونه حائل يمنع من النظر إليه فلو يعلم هل تجلى أمر لا يصلي له ، لأن الأصل بقاء الخسوف إلا بعد تيقن تجليه ، فلو كان القمر طالعا غير كاسف فغاب ضوءه فلم يعلم هل ذلك لكسوفه أو حائل تجلله من سحاب أو غيره لم يصل له ، لأن الأصل أنه غير كاسف .