الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص506
فأما الجواب عن روايتهم فمن وجهين :
أحدهما : ترجيح .
والثاني : استعمال فأما الترجيح فمن ثلاثة أوجه .
أحدهما : أن إخبارنا أكثر رواة وأصح إسنادا .
والثاني : أنها أزيد وأكثر عملا .
والثالث : أنه عمل الأئمة وفعل أهل الأمصار ، قد عمل به عمر وعلي رضي الله عنهما بالمدينة وعبد الله بن عباس بالبصرة وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب بالمدينة ، فكان العمل بأخبارنا أولى لما تضمنها من الترجيح ، وأما الاستعمال فمن ثلاثة أوجه :
أحدهما : استعمال لفظ الراوي وقوله كصلاتكم هذه أي : يتضمنها ركوع وسجود بخلاف الجنازة ، وقوله في الخبر الآخر ‘ كأحد صلاة صليتموها ‘ يعني : من صلاة الخسوف .
والثاني : تسليم الرواية على ظاهرها وحملها على الجواز ، وحمل ما رويناه على الأفضل والمسنون ، كما توضأ مرة ليدل على الجواز ، وثلاثا ليدل على الأفضل .
والثالث : حمل روايتهم على أن الخسوف تجلى سريعا ولم يطل ، فركع ركوعا واحدا ، وحمل روايتنا على أنه أطال فركع ركوعين ، قال أبو إسحاق المروزي فإن قيل إنه ركع ركوعا واحدا ليدل على الجواز ، والسنة ، فالأولى أن يركع ركوعين في تطويل الخسوف وتجليه فالسنة في طويل الخسوف ركوعان وفي قصيره ركوع واحد ، وقال أبو العباس بن سريج كل ذلك من الاختلاف المباح ، ليس بعضه بأولى من بعض .
وأما الجواب عن قولهم إن الخسوف إما أن تكون فرضا أو نفلا ، وليس في أحدهما ركوع زائد ، فيقال الصلوات قد تختلف في هيئاتها وأركانا ، ولكل صلاة هيئة تختص بها ، فلصلاة العيد هيئة ، ولصلاة الخسوف هيئة ، ولو جاز أن يكون هذا مبطلا لما ذهبنا إليه في صلاة الخسوف تغيير هيئاتها ، لوجب أن يكون مبطلا لصلاة الجنازة لتغيير هيئاتها واختلاف أوصافها .
وأما الجواب عن قولهم إن الصلاة تختلف في أعداد ركعاتها ، إلا في زيادة أركانها فواضح الفساد ؛ لأن زيادة أعدادها توجب زيادة أركانها ، وليس في ذلك زيادة معنى يقتضي الانفصال عنه .