الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص504
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ في أي وقت خسفت الشمس في نصف النهار أو بعد العصر فسواء ويتوجه الإمام حيث يصلي الجمعة فيأمر بالصلاة جامعة ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح أما الأصل في صلاة الخسوف فقوله تعالى : ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) [ فصلت : 37 ] فاحتمل ذلك أمرين :
أحدهما : أن يكون ورد في المنع من السجود لغير الله سبحانه وتعالى .
والثاني : أن يكون أمرا ورد بالسجود عند حدوث معنى هاتين الآيتين ، فأحتج إلى بيان ، فبين ذلك رسول الله ( ص ) بصلاته عند خسوفها دون سائر الآيات ، وروى ابن مسعود الأنصاري قال : خسفت الشمس في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن رسول الله ( ص ) فقال المنافقون خسفت بموته ، فصلى رسول الله ( ص ) ثم خطب وقال ‘ إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافرغوا إلى ذكر الله سبحانه والصلاة ‘ فإذا تقرر هذا فأي وقت خسفت فيه الشمس من نصف النهار أو بعد العصر صلى فيه ، لأنها صلاة لها سبب تصلى في المسجد حيث تصلى الجمعة ، لا حيث تصلى الأعياد ، ولأن رسول الله ( ص ) صلى في مسجده ، ولأنه لا يؤمن من فوات الصلاة بتجلي الخسوف إذا خرج ، فإذا أراد الصلاة نادى ‘ الصلاة جامعة ‘ بلا أذان ولا إقامة والله تعالى أعلم .