الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص498
المسجد ؟ فقال أبو إسحاق المروزي : يصلي صلاة العيد بتكبير زائد وينوب عن تحية المسجد ، كمن دخل المسجد فأدرك الإمام في صلاة فريضة ، فإنه يصلي معه ، وينوب عن تحية المسجد .
وقال أبو علي بن أبي هريرة : يصلي تحية المسجد ثم يجلس لسماع الخطبة ، حتى إذا فرغ الإمام صلى العيد ، لأن المأموم تبع لإمامه في الصلاة ، فلم يجز أن يقضي ما فاته من الصلاة إلا بعد اتباعه فيما بقي من الخطبة ، كما لو أدركه في صلاة فريضة . والأول أصح .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن تكبير العيدين على ضربين مطلق ومقيد ، فالمطلق ما تعلق بالزمان وتشريفه وعظيم حرمته ، وهذا يشترك فيه الأضحى والفطر ، ولا يختص به صلاة من غيرها ، وقد مضى تفصيله ، وإن أول زمانه من غروب الشمس ، وآخره إلى عند ظهور الإمام ، فأما المقيد فهو ما تعلق بالصلوات وأتى به في أعقابها ، فهذا يختص به الأضحى دون الفطر ، لما يتعلق به من حرمة الحج ، ويتصل به من أحكام النحر ، فإذا تقرر أنه مختص بالأضحى ، فقد نص الشافعي في القديم والجديد أنه يبتدئ بالتكبير من بعد صلاة الظهر من يوم النحر ، يقطعه بعد صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ، فيكبر عقيب خمس عشر صلاة وبه قال من الصحابة ابن عمر ، وابن عباس ، ومن التابعين عمر بن عبد العزيز والزهري ، ومن الفقهاء مالك وعليه العمل بمكة والمدينة .
وقال الشافعي في موضع آخر أنه يبتدئ بالتكبير من بعد المغرب من يوم عرفة إلى بعد صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ، فتكون ثماني عشرة صلاة ، وقال في موضع آخر حكاه عن بعض السلف أنه كان يبتدئ بالتكبير من بعد الصبح يوم عرفة إلى بعد العصر من آخر أيام التشريق ، فتكون ثلاثا وعشرين صلاة ثم قال واستخير الله سبحانه في ذلك .
واختلف أصحابنا في ذلك فكان بعضهم يخرج ذلك على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه يكبر من بعد صلاة الظهر من يوم النحر إلى بعد صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ، ووجهه أن الناس في التكبير تبع للحاج لقوله تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) [ الحج : 28 ] فخاطب الحاج بذلك ، وقيل أراد بالمنافع شهود عرفة ، وقيل أراد به النحر ، والحاج يبتدؤن بالتكبير عند قطع التلبية ، وذلك في يوم النحر .