الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص466
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا أراد الإمام في الحضر أن يفرق أصحابه أربع فرق فيصلي بكل فرقة ركعة . فمنع من ذلك ، فإذا فعل فقد أساء وفي بطلان صلاتهم قولان :
أحدهما : باطلة ، لأنه قد أوقع في صلاته أربع انتظارات ورد الشرع باثنين منها فصار كمن زاد في الصلاة ما ليس منها .
والقول الثاني : وهو أصح أن صلاته جائزة لأمرين :
أحدهما : أنه قد ثبت أنه لو انتظر في ركوعه داخلا في صلاته في غير صلاة الخوف لم تبطل صلاته وإن لم يرد الشرع به ، فلأن لا تبطل بانتظار قد ورد الشرع بمثله أولى . والثاني : أنه ليس في انتظاره أكثر من تطويل الصلاة لأنه إن انتظر جالسا يسبح ، وإن انتظر قائما قرأ وتطويل الصلاة لا يبطل ألا ترى أنه ( ص ) سئل عن أفضل الصلاة فقال : ‘ أطولها قنوتا ‘ .
وقال أبو العباس بن سريج : تبطل صلاة الإمام بانتظار الطائفة الرابعة ، لأن الانتظار الزائد هو الثالث والرابع وبه بطلت صلاته والطائفة الثالثة خرجت من الصلاة قبل الانتظار الثالث لأن الانتظار الأول للطائفة الثانية والانتظار الثاني للطائفة الثالثة والانتظار الثالث والرابع للطائفة الرابعة وحدها عند دخولها والآخر عند خروجها ، فوجب أن تكون صلاة الطائفة الثالثة جائزة لخروجها من الصلاة قبل فسادها وهذا وإن كان قويا في الاجتهاد فما ذكره الشافعي أصح لأنه لم تبطل صلاته بالانتظار الثالث وإنما أبطلها بانتظار الطائفة الثالثة لمخالفته فعل رسول الله ( ص ) في تفريق أصحابه وانتظارهم .